تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

الإطار القانوني للشركة الواقعية في قانون الشركات التجارية الجديد

د. سالم الفليتي
أستاذ القانون التجاري والبحري المشارك
كلية الزهراء للبنات – مسقط

“الشركة الواقعية” أو “شركة الواقع” أو “الشركة الفعلية”، مصطلحات قانونية ذات معنى واحد، تتردد كثيراً في مختلف كتابات الفقه، وفي أحكام القضاء، وتستخدمها مختلف القوانين الوطنية.

فهل هي شكل جديد من أشكال الشركات التجارية؟ وأين نجد أساسها في قانون الشركات؟ وهل يجوز إشهار إفلاسها؟ هذه الأسئلة وغيرها يجيب عليها مقالنا هذا.

تنص المادة (3) من قانون الشركات التجارية الجديد على أن الشركة ” كيان قانوني ينشأ بموجب عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يسهم كل منهم في مشروع يستهدف الربح؛ وذلك بتقديم حصة في رأس المال تكون إما حقوقا مادية، وإما معنوية، وإما خدمات أو عملا، لاقتسام أي ربح أو خسارة تنتج عن المشروع. واستثناء من أحكام الفقرة السابقة يجوز أن تتكون الشركة من شخص واحد وفقاً لأحكام هذا القانون.”

ويقترب تعريف الشركة – على هذا النحو – كثيراً من التعريف الوارد في المادة (468) من قانون المعاملات المدنية، حيث عرفت هذه المادة الشركة بأنها “عقد يلتزم بمقتضاه شخصان أو أكثر بأن يساهم كل منهم في مشروع مالي بتقديم حصة من مال أو عمل واقتسام ما قد ينشأ عنه من ربح أو خسارة”.

ويبين من النصين أنه حتى ينشأ عقد الشركة صحيحاً – شأنه في ذلك شأن سائر العقود – يستلزم أن تتوافر فيه الأركان الموضوعية العامة تتمثل في الرضا لدى الشركاء على محل وسبب مشروعين، هذا بالإضافة إلى الأركان الموضوعية الخاصة التي تميز عقد الشركة عن غيره من العقود، تتجسد في تعدد الشركاء، وتقديم الحصص منهم يرافقه نية المشاركة لإقتسام أي ربح أو خسارة تنتج عن المشروع. فضلاً عن ذلك، يتطلب القانون أركاناً شكلية تتمثل في كتابة عقد الشركة وشهره للاحتجاج به تجاه الغير، والأ كان غير نافذا في حقهم.

وبالتالي متى توافرت هذه الأركان جميعها كنا أمام كيان قانوني صحيح، أما إذا فقدت ركناً من أركانها أو أكثر ترتب على ذلك بطلانها وفقاً للقواعد العامة، أو بطلانها وفقاً للقواعد الخاصة.

أما أشكال الشركات التجارية فعهد المشرع في تحديدها إلى المادة (4) من القانون، وهي سبعة أشكال، شركة التضامن، وشركة التوصية، وشركة المحاصة، وشركة المساهمة (عامة/مقفلة)، والشركة القابضة، والشركة المحدودة المسؤولية، وشركة الشخص الواحد.
وكل شركة – استناداً للمادة (4) من القانون – لا تتخذ أحد الأشكال السبعة تكون باطلة، ويجوز لكل ذي مصلحة التمسك ببطلانها، وللمحكمة من تلقاء نفسها أن تقضي ببطلانها.

ويلحظ أن الشركة الواقعية ليست شكلاً من أشكال الشركات التجارية، وإنما هي “شركة” حكم ببطلانها لأسباب معينة، مع بقائها صحيحة في الفترة السابقة على الحكم بالبطلان. فالبطلان يقتصر فقط على المستقبل. ومن ثم تبقى المراكز القانونية من حقوق والتزامات الشركاء، وكذلك الغير، صحيحة في الفترة ما قبل الحكم بالبطلان. مع ملاحظة أن البطلان الذي نعنيه هنا هو بطلان خاص غير متعلق بالنظام العام، مقرر لحماية مصلحة خاصة، فلا يجوز للمحكمة القضاء به دون طلب من تقرر البطلان لمصلحته، تفسير ذلك، أن الشركة الواقعية توافر فيها جميع مقومات وجودها كشركة، أي توافر في عقدها الأركان الموضوعية العامة والأركان الموضوعية الخاصة، غير أن هذا الكيان لم يظهر في الشكل الذي حدده القانون، أي تفتقر إلى الكتابة والشهر.

وتجد الشركة الواقعية أساسها القانوني في المادة (10) من قانون الشركات والتي تنص بأنه “يجوز للشركاء أو المساهمين في مواجهة بعضهم بعضا الدفع ببطلان أي من وثائق التأسيس لعدم كتابتها أو عدم كتابة تعديلها أو عدم تسجيل أي منها لدى المسجل، ولا يجوز لهم هذا الدفع في مواجهة الغير الذي يجوز له التمسك بوجود الشركة.”

والمادة (113) من القانون نفسه التي تنص بأن “دون الإخلال بالحق في طلب الحكم ببطلان الشركة إذا وقع عيب في إجراءات تأسيسها، يكون لكل ذي مصلحة خلال (٣) ثلاث سنوات من تاريخ التأسيس أن ينذر الشركة بتصحيح العيب، فإذا لم تبادر إلى التصحيح خلال (٣٠) ثلاثين يوما من تاريخ الإنذار كان له طلب الحكم بحلها، وللمحكمة المختصة أن تحدد مهلة لا تتجاوز (٦) ستة أشهر لتصحيح البطلان إن كان ممكنا، فإذا تعذر ذلك، تقضي المحكمة بحل الشركة، ويجب تصفيتها باعتبارها شركة واقعية، وذلك دون الإخلال بحق الغير في التعويض عن ذلك إن كان له مقتض.”

ويلحظ على المشرع في قانون الشركات التجارية الجديد أنه يظهر فلسفة جديدة قائمة على تفادي إبطال الشركات باحترام الوضع الظاهر كونها مر عليها فترة من الزمن تعاملت فيها مع الغير حسن النية الذي اعتقد أنها من الناحية القانونية مستوفيه جميع أركانها، من جانب، وحماية الشركاء أنفسهم، آيات ذلك:
1- الأساس القانوني لإنقاذ الشركة الواقعية في قانون الشركات وتحديداً في المادة (10) منه جاءت بصيغة العموم، محصلتها أنه يمكن اعمالها لمختلف الشركات، شركات أشخاص، وشركات أموال، عدا شركة المحاصة. وما يزيد الأمر تأكيداً تكرار أساس النظرية في المادة (113) على وجه الخصوص للشركات المساهمة العامة.
2- تتجلى الفلسفة الحمائية للشركات التجارية من خطر ابطالها، التقيد الذي يظهره المشرع، بما يعني تشجيع بقاء هذه الشركات حتى وإن شاب خلل في تأسيسها، تفسير ذلك، أن المادة (113) من القانون توجب على كل ذي مصلحة إقامة دعوى البطلان خلال ثلاث سنوات من تاريخ التأسيس من جانب أول، ومن جانب ثانٍ، وجوب إنذار الشركة بتصحيح العيب خلال ثلاثين يوماً من تاريخ الإنذار، وبعدها يجوز رفع دعوى البطلان، فإن لم يتحقق ذلك، بأن رفعت الدعوى دون إنذار، أو رفعت بعد انقضاء ثلاث سنوات، مؤداه عدم قبول دعوى البطلان. ومن ثم يظهر هذا التشدد من قبل المشرع في زاويتين، الأولى، أنه قصر فترة رفع دعوى البطلان إلى ثلاث سنوات على خلاف القاعدة العامة خمس عشرة سنة، والثانية أنه بإغلاق دعوى البطلان بعد انقضاء ثلاث سنوات يعني بقاء الشركة بما يعتريها من خلل، أمر يظهره المشرع إلى تصحيح العقد الباطل بما يخالف المادة (125) من قانون المعاملات المدنية من أن العقد الباطل هو العقد غير المشروع لا بأصله، ولا بوصفه، بأن إختل ركنه أو محله أو الشكل الذي فرضه القانون لانعقاده.

ويجيز المشرع إفلاس الشركة الواقعية بدلالة الفقرة (2) من المادة (188) من قانون الإفلاس العماني التي تنص كما يجوز إفلاس الشركة الواقعية”.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights