ولمَ القنوط الذميم؟!
سُنْدُسَ الضوياني
أيُّها اليَائِس، وَمَاذَا بَعْد…؟
أَتَظُنُّ أَنَّكَ لَنْ تَنْجُو؟!أَتَظُنُّ أَنَّ بَعْد الْعُسْر عُسْرا؟!
مَاذَا حَلّ بِك أَخْبرنِي؟!مَاذَا دَهَاك؟!
لِمَ هَذا الْيَأْس؟ لِمَ هَذَا الْفُتُور؟!
لِمَاذَا تَرَى أَنَّ كُلَّ الطُّرُقِ مُغْلَقَة أَمَامَك؟!
لَقَدْ أثْقَلْت مَسَامِعِي وَأَنْت تُكَرّر دَائماً أَنَّ الْحَظّ لَيْس مَعَك، وَأَنَّك فَاشِل، وَأَنَّ طَرِيق السَّعَادَة وَتَحْقِيق الْأَهْدَاف مُغْلَق تَمَامًا، وَاعَجَبَاه كَأَنَّه لَمْ يُفْتَحْ لَكَ أَبَدًا بَابَ سَعَادَة وَيُسْر.
لِمَ هَذَا الْقُنُوط واليَأْس والنَّظْرَة المُتَشَائِمَة؟!
أَيُّهَا المَهْمُوم لَا تَقْنَطْ مِنْ رَحْمَةِ الله، ولَا تَيْأَّس أَبَدًا مِن رَوْح الله.
إِنَّ اللّهَ مَعَنَا. نَعَمْ، اعْلَمْ دَائِمًا أَنَّ اللّهَ مَعَكَ، وَأَنَّ اللّهَ لَا يُؤَخِّر أَمْرًا إِلَّا جَاءَ بَعْدَه يُسْر وَبُشْرَى، وَسَيَعْقِبُه تَحْقِيق أَهْدَاف وَغَايَات ظَنَنْت لِدَهْر أَنَّهَا لَنْ تَتَحَقَّق.
هَكَذَا عَلَّمَتْنَا الحَيَاة أَنَّ اللّه يُؤَخِّر اِسْتِجَابَة دُعَائِك لِيُدهِشُك عِنْد الْإِجَابَة، يُؤَخِّر الاسْتِجَابَة لِيُجْبِر قَلْبَك الْمُنْكَسِر بِلُطْف وَرِفْق، يُؤَخِّر الاسْتِجَابَة لِيُكَرِّمَك بَعْد صَبْر وَتَحَمُّل.
سَيُنْزِل اللّه عَلَيْك مِن الْغَدَق الْإلَهِيِّ مَا كُنْت تَدْعُو وَتَرْجُو، وَلَكِنَّ أَنْت قَبْل ذَلِك عَلَيْك أَن تَكُون مُجِيبًا لِأَوَامِر اللّه، مُخْلِصًا لَهُ، خَاضِعًا مُتَذَلِّلًا، مُتَأَدِّبًا بِآدَاب الدُّعَاء.
اِعْلَمْ أَنَّ الله حِين يُعْطِيك يُجْبِرُك جَبْراً تَنْسَى مَرَارَة كُلِّ شُعُور مَرَرْت بِه. نَعَمْ، إِنَّه اللّه الْجَبَّار الرَّحِيم الْقَائِل فِي مُحْكَم التَّنْزِيل: { وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ…}-[من آية: 60، سورة غافر]، فَهَا نَحْن يَا اللّه نَدْعُوك فَاِسْتَجِب لَنَا يَا رَبَّ الْعَالَمِين.
أَيُّها التَائِب, كَن وَاثِقًا أَنَّ دُعَاءَ المُؤْمِن لَا يُرَد وَإِنَّ تَأَخَّر، وَإِنْ تَأَخَّرَت الْإِجَابَة؛ فَإِنَّ ذَلِك لِمَعْرِفَة مَدَى صَبْرِك، وَلََتَظِل قَرِيباً مِنَ اللّه بِالْمُنَاجَاة وَالْإلْحَاح بِالدُّعَاء، أَلَا إِنَّ الْفَرَج قَرِيب.
أَيَّهَا الْقَانِط سَتُجْبِر قَرِيباً عَاجِلاً غَيْر آجِل بِإِذْن اللّه تَعَالَى، فَقَط كُنْ وَاثِقاً بِقُدْرَة اللّه – عَزّ وَجَلّ – كُن مُتَسَلِّحاً بِالْيَقِين؛ لِأَن أَمْر الله بَيْن الْكَافِّ وَالنُّون.
فَمَاذَا بَعْد سَمَاعِك بِيَقِين هَذِهِ الْآيَة: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَإِذَا قَضَىٰ أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُون}-[البقرة:117]. فَمَاذَا بَعْدَ هَذَا النَّبَأ العَظِيم؟ وَلَمَ القُنُوط الذَمِيم؟!