ومضات قائد أوتوقراطي..
بقلم: يوسف بن عبيد الكيومي
مدرب القيادة الإدارية والقيادة التربوية
القيادة الأوتوقراطية هي أسلوب قيادة يتسلط فيه شخص على كل القرارات دون السماح بمشاركة باقي التابعين بالفريق أو المجموعة. وتعود كلمة أوتوقراطي للأصل اليوناني، ويقصد بها من يحكم بنفسه، حيث يعده الكثيرون من أنجح النماذج على هذا الأسلوب؛ كأن يفكر ويعرف ما يحتاج له، ثم ينطلق في تحقيق ما يريد وإن لم يتمكن معه التابعين من التكيف، فإن مصيرهم عدم الاستمرار في القيام بمهام عملهم كثيراً لأنه يرى الإخفاق.
يعد القائد الذي يتخذ هذا الأسلوب لقيادة مؤسسته وأتباعه قائد استبدادي؛ نظراً لما يبدو على الأسلوب الأوتوقراطي من سلبية كبيرة.
ويظهر ذلك جلياً عندما يكون القائد الذي يستخدمه كثير الإفراط في تطبيقه على التابعين والمجموعات وفرق العمل بمؤسسته، أو استخدامه للأسلوب في المواقف التي لا يصيب فيها، وتكثر أخطائه بصورة متكررة وواضحة للجميع.
ويتصف هذا النوع من القيادة بالصراحة المطلقة والموضوعية وتوجهه المباشر نحو تحقيق أهدافه؛ لهذا فهو يمكن أن يوضع في المواقف التي تحتاج فعلياً إلى القوة والحزم لتحقيق الأهداف الموضوعة.
ودائماً ما يركز هذا النوع من القادة على المهام المراد إنجازها وعلى أداء وإنتاج المجموعة، دون إعطاء مشاكل التابعين أي اهتمام.
كذلك يعتمد كثيراً على العقاب والتهديد والتخويف، سواء كان قائداً في مؤسسة صغيرة أو متوسطة الحجم أو حتى بالوحدات الإدارية العليا والمتوسطة للمؤسسات الكبيرة.
ورغم ما سبق ذكره إلا أن استخدام هذا الأسلوب له فوائد كثيرة للعديد من الحالات بالمؤسسات؛ والسبب يعود إلى الحاجة الماسة لاتخاذ قرارات تحتاج إلى السرعة دون الحاجة إلى التشاور مع المحيطين من الناس.
فهناك بعض الأعمال المنفذة من قبل التابعين بالمؤسسة تحتاج إلى شخصية تتمتع بقوة القيادة لإنجاز الأعمال المنوطة بأقل وقت وبكفاءة عالية؛ ففي مثل هذه المواقف يجب أن يكون القائد أكثر إلماماً بجوانب البرنامج في الفريق، فاتباعه للأسلوب الاستبدادي في تلك اللحظات؛ سيعمل على اتخاذ قرارات عملية سريعة وفعالة تؤدي إلى إنجاز المطلوب في الوقت المحدد والمخطط له.
وتسهم فعالية هذا النوع من أساليب القيادة في توفير التوجيه بالمجموعات الصغيرة. فمثلاً لو كنت ممن عملوا في مجموعات الطلبة بالمدارس أو الجامعات أو كنت ضمن زملاء عمل بفريق يتبع المؤسسة التي تنتمي إليها، ولم يتمكن أعضاء الفريق من إنهاء المشروع أو خرج المشروع عن مساره المخطط له وذلك لضعف أو افتقاره للتنظيم وكذلك للقيادة؛ ففي مثل هذه الحالات، يستطيع القائد الذي يستعين دائماً بهذا النوع من أساليب القيادة كقائد يتولى المجموعة، وتوزيع المهام لأعضاء مختلفين بالفريق، مع تحديد موعد نهائي يعلم به أعضاء الفريق يسبق الموعد النهائي لإنهاء وتسليم المشروع.
يسهم استخدام هذا الأسلوب كذلك في تخفيف الضغوط التي تلازم فرق العمل فترة الحالات المحتاجة إلى جهود كبيرة ذات طابع خاص، كما هو الحال أثناء فترات الأنواء المناخية، فقد يفضل قائد فريق إدارة الأزمات أسلوباً استبدادياً، ففي وقت رفض بعض المواطنين مثلاً الخروج من منازلهم المعرضة للسيول الجارفة إلى مواقع الإيواء المحددة من فريق إدارة الازمات لضمان سلامتهم وخروجهم في وقتٍ كاف قبل وصول السيول الجارفة إلى الأماكن المتوقعة.
لهذا فإن استخدام بعض القادة لهذا الأسلوب في الأوقات العصيبة و الحرجة تقود الفريق إلى النجاح في إنجاز مهامة مع تقليل الأضرار والتكاليف المؤثرة على أداء الفريق بصورة واضحة وملموسة.