إعاقتي لم تُثنِ إرادتي
ناصر بن سالم آل عبد السلام
لا يقوى المرء على مواجهة ومجابهة ظروف الحياة لوحده، وربما يستمدّ قوته من ذاته ومن عوامل أخرى، ولكن أعظم قوة يستمدها المؤمن هي من بالله تعالى، فحينما يتفكر ويتدبر الواحد منّا نِعَم الله عليه، فإنه سيدرك أنه في نعيم، وأنه من غير الله لا حول له ولا قوة، فبالعزيمة تُستمَد القوة ويستمر التميّز، وخير مثال على ذلك:
أناسٌ استمدوا قواهم من ذواتهم، هم أناس آذانهم لا تسمع، ولكن قلوبهم بالحب تصدح، أعينهم لا ترى ولكن أفئدتهم بالنور تشعّ وتسطع، أفواهم لا تنطق، ولكن عيونهم تقرأ ويُفهم مرادهم.
إنهم وقود العزم والإصرار، إنهم من الأقوياء الذين امتلكوا من الإرادة قدراً، بل هم الذين سبحوا في عُباب الحياة، وجذّفوا بكل ما استطاعوا من قوة ولم يضيعوا أوقاتهم في انتظار السفينة، فلذلك تميزوا عن غيرهم، فكان النجاح حليفهم.
إنهم من شمروا عن سواعدهم وتخطّوا صعاب الحياة بجدارة، هل عرفت من هم؟
إنهم(ذوي الاحتياجات الخاصة).
يقول المولى عز وجل في محكم كتابه العزيز {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ..} سورة النور، الآية 61.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) رواه مسلم.
فما ذلك إلا تعظيماً من المولى عز وجل، أي أن الله لا ينظر لصور العباد وأجسادهم، ولا حتى أموالهم وجاههم ومنزلتهم في الحياة الدنيا، بل ينظر إلى نواياكم وعملكم الصالح، وما تكنّه قلوبكم في صدوركم، فإذا استقام استقامت أعمالكم وخلصت لوجه الله.
وكذلك هو الحال بالنسبة للمعاقين، فالله لا ينظر لإعاقتهم، وهو من خلقهم وهو متكفل بهم.
فلا توجد إعاقة مع الإرادة، سيُقال عنهم معاقون، ولكن لم تتوقف عزائمهم وإراداتهم، سيرون الحياة أمامهم غريبة عن حياة الآخرين، هم أناس حالهم من حال الآخرين، لهم أحاسيسهم ومشاعرهم، ودفئ قلوبهم وحُسن تدبيرهم وتفكيرهم، هم طموحون لا تغلبهم ولا تثني نظرات العطف والشفقة من قوتهم، بل إنها تزيدهم قوة وغلبة، فهُم لا يحبون الهزيمة مطلقاً.
وعندما تكون رغباتهم نابعة من أقصى درجات اليأس، فذلك هو الأمل الأبديّ الذي يحلمون ويبتغون.
نعم، إن التألق الشامخ الشاهق شعارهم، وتلبية احتياجاتهم منهم لأنفسهم، حينها فليدرك ويعلم الجميع أنهم متميزون حقاً.
من قلبٍ مُحبٍّ لكم:
هي دعوة بظهر الغيب من أولئك الضعفاء جسدياً، الأقوياء فكرياً، من ذوي الاحتياجات الخاصة، لكم إن شاء الله، أن يبارك يحياتكم، وأن ينعم عليكم بالتيسير والتوفيق وتحقيق أمانيكم الطيبة التي ترجون إن شاء الله.