تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
قصص وروايات

يحبني.. ولكن!!

منال السيد حسن

لقد أنصفتني البارحة! أبقيتني في حالة من التيه والغرق، لا أجد لها وصفًا سوى أنك أبقيت روحي وقلبي وعقلي وكُلي على حافة الجنون، وما من وسيلة للنجاة.
يدهشني كثيرًا كل هذا الكم من التوقِ والشوق حتى النخاع، دون قانون يحكم علاقتي معك. يدهشني كثيرًا كيف لي أن أبقى مشدوهة إليك برغم كل الأحلام المحرمة والجنون الثائر وذاك الانقلاب العنيف؛ الذي لا يستثني أي خلية في جوانب الروح والعقل والقلب والجسد.
أتدري! أنا لا احتاج أن أعرف إلى ماذا سأؤول؟! طالما في روحك لي متسعًا ومرقدًا.
أنا والله لا أنساك كي أتذكرك، ولا أبتعد كي أقترب، ألبستني ثوب عشقك وحاكيته في تفاصيل جسدي، فمن أين أأتي بالقدرة على أن أغفو عنك ولو بأحلامي؟!
أنت رغبة حادة لا أقدر على مقاومتها ولا ملامستها حين ألامسها، عندما أتوغل بك، أشعر وكأني رحَّالة في  بلاد العالم أجمع، غزيت كل الأكوان، قابلت كل الفلاسفة، عانقت كل الشعراء، استبحت كل التقاليد والأعراف. أشعر وكأني تجليت أمامك كشمسٍ حارة لا يقدر لأحد على حجبي سواك، أؤمن بكل موروثاتك الغير الشرعية، وكل مناقضاتك التي تغريني، أمارس معك كل اشتياق تسامى حد السماء، دون التفات إلى شيء عداه، استشهد بك في كل أحاديثي.. وغارقة أنا حد الثمالة.
أتدري!  لا يهمني كم امرأة عبرتك قبلي؛ لأني أدرك تمامًا أنهم حين عبروا لم يعبروا، لم يستطيعوا اختراق حواجزك، لم تستطع إحداهن حين فحص ملامحك ألا تتنفس بحرارة، وربما تحترق وتخرج لتدخن بهدوء مستفز.
أنت يا شغفي ويا ولَهي ويا عطشي، يا لغزًا كلاسيكيًا، ويا وطنًا أعجميًا، كيف لك القدرة على مراوغتهن دون أن يهتز رمشك قيد أنملة؟!
أتدري كيف عانقتني أمس في أحضان حروفك الولهى؟! وكيف ربتَّ على كتفي كحمامة نزلت لكي تشرب، وكأنك تصالح روحي في غيابك؟!
قُل لي بالله، أتعلم كيف لي أن أقضي ساعاتي وأيامي بدونك؟! كيف لي أن أتنفسك عشقًا في غيابك؟! كيف لي أن أصبر واحتمل غيابًا يمزق فيِ كل ممزق؟!
لقد أخبرتني أنك ستعوضني، “نَزفْ القلب والروح لا يعوض يا عزيزي”، الشيء الذي ينزف عند حياكته من جديد لن يعود مثلما ذي قبل، لن أنكر أنك قادر على لملمة جروحي وضمها وعناقها واحتضان سكراتها؛ ولكني نزفت، جرحت، استباحت مشاعري، عانيت وجعًا لم يَلِق بي، لا يناسب ثوب العشق الذي ألبستني إياه.
لو تمطر السماء معجزة وتهبني إياك الآن.. ربما أغفر لك!
أنا والله لا ألومك؛ لكني أحتاجك.. أنا لا أبثك شكواي؛ ولكني أبوح.. أنا والله يرضيني أن تمد لي كفك يلامسني ولو خيالًا.
أتعلم أنه لا أثقل على الروح من لحظاتِ بوحٍ دون بوح!!
أود منك أن تشفع لي ما سأهذي به.
أريدك أن تعدني في البداية أن هذا الحديث لن يتجاوز حدود هذه الأحرف، وأن تلقي به بعيدًا في مفترق طرق متوازية لا قدرة لها على جمع شتاتها.
“بتُ الليلة السابقة أفكر في أتهامك لي بأني أحيك شيئًا من ورائك، كيف لك القدرة على التفكير في شيء كهذا وأنا التي لا قدرة لي على الانزواء عن التفكير في سُبل شتى لإرضائك؟! والله ليس افتعالًا لتمثيل، ولا نيلًا لغرض، ولا تنكيلًا لحبك، إنه عشقي المعجون بحب مفرط لا هدف له سواك.
فكرتُ أنه لا بد أنك تمزح؛ لكن نبرة صوتك أدانتني بأتهامك، بتُ أبكي رغم فرط ضحكي وبسماتي، أتدري كَمَّ الوجع الذي يُحفَرُ في قلبي ويغرز سكينه في ثنايا الروح؟! هل أنت فعلًا ما زلت فيِ تشُك؟!
أستحلفك بالله، لا تفتعل تلك التظاهرات الغير سلمية في روحي مرة أخرى، أستحلفك بالله أن تنسى تاريخ تطفلي، وتمحو كل تكشُرات أنيابي وقت الغضب، إني لأرجوك أن تعطي نفسك قسطًا من الراحة وتنعم بوافر الهدوء والأمن والسكينة، أنا ما عدت تلك الشمطاء الحقيرة التي تفتعل طرقًا لمضايقتك حين تحزنها رغما عنك”، أنا أستسمحك بعض ثقة، وأن تأمن لبُركانِ حب يهيم فيك ولا يخمد.
والله ما عاد يرضيني سوى رضاك، ولا يشعرني بالراحة سوى ابتسامتك، ولا يغفر لغيابك شيء سوى أن أراك في راحة بال واطمئنان.
أستحلفك بالله كيف لفتاة أن تحتمل همزات شياطين الإنس من حولها ولمزاتهم، وتعف نفسها عن كل شهوة، وتعيذ بحبك من شر مكرهم، وتحتمي بجدران قلبك كي تخلد للأمان، وتتخذ من روحك متكئًا ومسندًا، أن تحيك شيئًا هي تدري أنك لو علمته ربما لم تثق بها مرة أخرى ولو رقصت أمامك مذبوحة من الألم؟!!
ما يحذ في نفسي محاولاتك المستميتة للتشكيك في تربيتك! أعلم تمام العلم أني أحظى على ثقة غير مكتملة، ليس لعيبًا فيِ؛ ولكن لخلفيتك في كل من بددوا ثقتك بهم، فكيف لي أن أبددها؟! “لن أؤذيك فيك”، كيف لي أن أصير واحدة منهم وأنا التي نذرت ما في قلبي وعقلي وروحي لك محررًا؟!
بالله عليك، حاور ذكائك في ودٍ أنيق واسأله: “هل لامرأة تختصم في عدوانٍ حادٍ مع أي ذكر يحاول أن يهتك عرضها بنظرة؛ حفاظًا على ما هو أغلى من الكرامة والحب، أن تفعل شيئًا يبدد وثوقك بها؟”

أتعلم! سأكون أكثر كرمًا وأغفر لك جرائمك تلك!

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights