الشاعر هلال بن سيف الشيادي
أَشْتاقُني وأنا الماضي بلا هدفِ
متى أعودُ ولو في سانحِ الصُدفِ
نفسي أعانق نفسي بعد غربتها
وأرتمي فيّ أبكيني على أسفِ
تركتُ فيّ سماءً عشتُ أعمرها
بكل أنباض قلبي في مدى شغفي
ورحتُ عني ولكني أشاهدني
أنا قريب بعيد ظاهر وخفي
حقلُ الطموح الذي حرّثته بيدي
هجرتُه فذوى قمحي ولم يقف
وملّ قاربيَ المهجورُ وقفتَه
يرنو إلى الموج والأعماق والصَّدفِ
أما أنا لم أكن يوما أنا، وأنا
ضيعتُ ذاتيَ بين الحبر والصُحف
ذهبتُ أبحث عني عن جمال غدي
وقد وضعتُ المنى والعزم عن كتفي
أعطيتُني فوق ما أبغيه من لعبٍ
ورحتُ آخذ من دنياي في سرف
تركتُ خلفيَ نور الله، ما هنِئَتْ
روحي التي غرقت في لجة السُّدَف
مطّوِّفا حول أصل النور مضطربا
ما بين مبتعدٍ عنه ومزدلفِ
أمضي مُخِفّا وريحُ الوهم تلعب بي
وقد تبعثرتُ بين اللين والشظف
كيف الهلالُ بلا ضوءٍ؟! وكيف أرى
غدي بمنكسف الأضواء منخسف
خُطاي في كنف الرحمن سائرةٌ
قد كدتُ أُطفأُ لولا رحمةُ الكَنف
كم أرجَحتْني حبالُ الوقت أرجحةً
تدنو إلى الذل أو تعلو إلى الشرف
ما بين طفلين من يأسٍ ومن أملٍ
كلعبة أنا لم أحزن ولم أخفِ
اليأس من طرف للقاع يجذبُني
وشدني أملٌ للأوج من طرف
أراده الله لي قلبا كورد شذا
لكنني شئته قلبا من الخزف
حتى أتى بي جنونُ الدهر بين يدي
والنفس تصرخ يا نفسي كفى وقفي
وحينها استيقظت نفسي؛ رأيتُ بها
شوقا إليّ وقلبا عاش في كَلَف
هنا انسكبت عتابا واعترفتُ لها
بكل شيء وألقتْ سمعَ معترِف
أنّبْتُني؛ كيف عُقبان النهى رضيتْ
بأن تسير سدىً في حمأة القرف!؟
كيف ارتضتْ قدمي تمشي بدون هدى
وكيف كفّي علت مني إلى تلفي
يا نفسُ يا نفسيَ المنسية استمعي
فأنتِ مقترفٌ يصغي لمقترف
أنّى نسيتِ بأني جئتُ مختلفا
خلعتِ ذاتي لأحيا غير مختلفِ
تَسعَينَ نحو عناقِ الياء في شغفٍ
وأنتِ ما زلتِ كسلى في يد الألف
أعليتِ أشرعةَ الآمال في سفني
ولم تطوفي على بحر ولم أطف
وكم مددتِ لأيدي الساقطين يدي
واليوم أطلب عمري في شفا جرفِ
إلى هنا جفت الأقلام وارتفعت
كل الحروف وظلت أسطر الصحف
فلم نجد لاجترار اللوم من لغة
إلا حياء بدا في وجهنا الأسِفِ
مدت يديها بكل الحب نحو يدي
فقلت هيا معا للنور لا تقفي
🌛هلال بن سيف الشيادي🌜
