رمضانيات اليوم التاسع والعشرون: زكاة الفطر ويوم العيد
خلفان بن ناصر الرواحي
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد،،،
فيا أحبتي في الله، أيها الصائمون الأتقياء، نحمد الله تعالى أن منَّ علينا بصيام شهر رمضان المبارك ونحن في صحة وعافية، ونسأله تعالى أن يجعلنا ممن رضي الله عنهم واعتق رقابهم.
اعلموا رحمكم الله تعالى أيها المؤمنون أنّ الله قد شرع لكم في ختام هذا الشهر العظيم-شهر رمضان- أن تؤدوا زكاة الفطر، وهي، فريضة على كل مسلم، فرضها رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فعن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلّم زَكَاةَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ)- رواه الشيخان. ويجب أن يخرجها الصائم عن من يعول.
وفي زكاة الفطر حكمة عظيمة جعلها الله تعالى لنا معاشر المؤمنين؛ فهي إحسانٌ إلى الفقراء، وتلاحم النفوس وتآلفها بين المسلمين، وتطهير للصائم من اللغو والرفث، وإظهار شكر نعمة الله بإتمام صيام شهر رمضان، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: (فَرَضَ رَسُولُ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- زَكَاةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ)- رواه أبو داود وابن ماجه.
ويجب أن تُخرج من الطعام الذي تقتات عليه الناس، من تمرٍ، أو برٍّ، أو أرز، أو غيرها، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: (كُنَّا نُخْرِجُ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ يَوْمَ الْفِطْرِ صَاعًا مِنْ طَعَامٍ، وَقَالَ أَبُو سَعِيدٍ وَكَانَ طَعَامَنَا الشَّعِيرُ وَالزَّبِيبُ وَالْأَقِطُ وَالتَّمْرُ)- رواه البخاري. ومقدار الفطرة هو صاع من طعام كصاع النبي – صلى الله عليه وسلم -، (أربع حفنات على كفي الإنسان المعتدل)، وهو يقارب حوالي ثلاثة كيلو جرام -على مقدار الموازين الحديثة في زماننا- عن الشخص الواحد، وتخرج الزكاة أحبتي في الله، بغروب الشمس ليلة العيد.
واعلموا أحباب الله أنّ الله سبحانه وتعالى أوجب علينا صلاة العيد، فلا تتأخروا عنها، ويستحب لنا أن نغتسل يوم العيد، وأن نلبس أحسن ثيابنا، ويسن أن نأكل تمراتٍ قبل خروجنا إلى صلاة عيد الفطر، وتكون وتراً، ففي حديث أنس رضي الله عنه، قال: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ)- رواه البخاري. وفي روايةٍ له: (وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا). وكما أنه يحرم صوم يوم العيدين.
كما يسن أن يكون الذهاب لصلاة العيد من طريقٍ والرجوع من طريقٍ آخر، فقد قال جابر رضي الله عنه: (كَانَ النَّبِيُّ- صلّى الله عليه وسلّم- إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ)- رواه البخاري. ويسن التكبير ليلة عيد الفطر، لقوله تعالى: {وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ}-[البقرة:185], ويكبر في خروجه إلى صلاة العيد كذلك.
ومما ينبغي للمسلم أن يحرص عليه في هذه المناسبة أن يكون معتدلاً في المأكل والمشرب والملبس والزينة وغيرها من الأمور، ويبتعد عن الإسراف والتبذير، فالله تعالى يقول: {وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}- [الأعراف: 31].
نعم أحبتي في الله، كلنا يتفق أنه يوم عيد وفرح، ولكن لا ينبغي أن نبطل أعمالنا بما هو محرم؛ فعلينا أن نحتفل بهذه المناسبة بما يليق بها ولا يجوز أن ندق الطبول والمعازف؛ لأن الأصل في المعازف التحريم، وقد قال – صلى الله عليه وسلم: (لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْحِرَ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ)-رواه البخاري.
نسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال، وأن يجعلنا وإياكم من أهل الجنة، وأن يعيده علينا أعواماً عديدة وأعمارا مديدة، وأن يجعله عيدا مباركا وسعيدا بإذن الله، وكل عام وأنتم والأمة الإسلامية بخير وعافية.