2024
Adsense
مقالات صحفية

رمضانيات اليوم الخامس عشر: تعلقوا بقلوبكم عباد الله بالمساجد

خلفان بن ناصر الرواحي

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد،،،

فقد قال تعالى: ﴿فِی بُیُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرۡفَعَ وَیُذۡكَرَ فِیهَا ٱسۡمُهُۥ یُسَبِّحُ لَهُۥ فِیهَا بِٱلۡغُدُوِّ وَٱلۡـَٔاصَالِ ۝ رِجَالࣱ لَّا تُلۡهِیهِمۡ تِجَـٰرَةࣱ وَلَا بَیۡعٌ عَن ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلَوٰةِ وَإِیتَاۤءِ ٱلزَّكَوٰةِ یَخَافُونَ یَوۡمࣰا تَتَقَلَّبُ فِیهِ ٱلۡقُلُوبُ وَٱلۡأَبۡصَـٰرُ ۝ لِیَجۡزِیَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا عَمِلُوا۟ وَیَزِیدَهُم مِّن فَضۡلِهِۦۗ وَٱللَّهُ یَرۡزُقُ مَن یَشَاۤءُ بِغَیۡرِ حِسَابࣲ﴾-[النور 36-38]. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال عن النبي -صلى الله عليه وسلم-قال:(سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، الإمام عادل، وشاب نشأ بعبادة الله، ورجل قلبه معلق في المساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف الله ، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)- رواه البخاري ومسلم.

فمن خلال هذه الآيات الكريمة والحديث النبوي الشريف، اعلم أخي الكريم أنّ لمكانة المساجد عند الله قدرا عظيما، والتعلق بها لهو الأعظم بالنسبة لنا نحن المسلمين، حيث نكون فيها في ضيافة الله سبحانه وتعالى، فهي لله وحده، وقد خُصِّصت لعبادة الله عزّ وجلّ، من صلاة وتسبيح وذكر ومدارسة وغيرها من العبادات التي يرفع بها الله عباده في الثواب وأحسن الجزاء من فضله العظيم ورحمته الواسعة سبحانه.

وكما هو معلوم لنا أخي الصائم الورع الحرص على نيل رضا الرحمن سبحانه والقبول ومضاعفة الحسنات، ونيل الثواب العظيم وخاصة في هذا الشهر الفضيل- شهر رمضان- عليك أن تكون ضمن الذين يظلهم الله تعالى يوم القيامة، فالله يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة، ثم يجمعهم في أرض المحشر والشمس فوق رؤوسهم قدر ميل وليس لهم ظل؛ فتجد الخلائق هلعاً وكرباً عظيماً، فيتصبب العرق منهم من شدة الموقف، إلا أنه سبحانه يكرم بعض عباده في ذلك اليوم العظيم؛ فيظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله، وهم الأصناف السبعة المذكورون في هذا الحديث، ومنهم من تعلق قلبه بالمساجد، وهو الذي لا يفرغ من صلاة إلا أخذ يترقب التي بعدها سواء جلس في مصلاه أو خرج منه. واعلم رعاك الله أخي التقي، أن هناك أصنافا أخرى جاءت في أحاديث نبوية أخرى متفرقة، ومنهم الغازي في سبيل الله، ومن أعان الغازي في سبيل الله، والذي أعان معسراً، وخفف عنه بأن وضع شيئاً من الدين، ومن أعان المدين الغارم، والتاجر الصدوق الأمين، وغيرها من الصنوف الأخرى التي يكرمها الله عز وجلّ في ذلك اليوم، وما أعظمها من كرامات إن أصبنا شيئا منها!

ولنا في رسول الأمة وسيد البشرية – صلى الله عليه وسلم- القدوة الحسنة؛ فهو خير من تعلق قلبه بالمساجد، ونذكر هنا بعض الدلالات التي وردت عنه -صلّى الله عليه وسلّم-، ومنها:
– جعل بيوته إلى جوار المسجد؛ وهذا شأن المحب مع المحبوب.

– كَانَ إِذَا صَلَّى الفجر جلس فِي مُصَلاَّهُ حتى تَطْلُعَ الشَّمْس. وكذلك إذا رجع من سفر أو غزو بدأ بالمسجد، فصلى فيه ركعتين ثم ينقلب إلى بيته. وكذا شأنه عليه الصلاة والسلام حين مرض قبل موته وبين السكرات، كان يسأل عن أحوال المسجد والمسلمين فيقال: هم ينتظرونك. ولما وجد في نفسه خفة خرج يهادى به بين الرجلين حتى أقيم إلى جنب أبي بكر الصديق في الصلاة.

فيا أيها المؤمن التقي، أما ترى من هذه الآيات البينات، وما روي عنه -صلى الله عليه وسلم- أننا أحوج لتلك الهمة، وقد خصنا الحق تبارك وتعالى بالظل في رحمته وفي ظله يوم القيامة بالمحافظة والتعلق بالصلاة، وجعل المعلق قلبه بالمساجد ثالث سبعة يظلهم الله عز وجل بظله يوم لا ظل إلا ظله؟!
اعلم رعاك الله أخي الحبيب، أن هذه هي عمارة المساجد حقًا، فكما قال تعالى في سورة التوبة: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللَّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنْ الْمُهْتَدِينَ(18)}. وما كان هذا التعلق المنبثق من ثمرة التعلق بالله سبحانه وتعالى محبة وإنابة ورغبة ورهبة وخوفًا ورجاءً وإخلاصًا وتوكلاً وذلاً وتعبدا!

نعم أخي الصائم المؤمن التقي، إنه التعلق بالله عز وجل وحده، وهو الغاية العظمى والنجاة يوم الفزع الأكبر، فمن تعلق بغيره عز وجل، سوف يكون شأنه كمن جاء ذكره في سورة العنكبوت- نعوذ بالله أن نكون منهم-، حيث قال تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتًا وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ (41)}.

اللهم اجعلنا من عمار المساجد المرابطين والمحافظين على الصلاة فيها، وارزقنا الإخلاص في القول والعمل، وظلنا بظل عرشك يوم نلقاك فيه، وصل اللهم وسلم على أفضل المرسلين وأشرف الخلق أجمعين، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights