ناصر بن خميس الربيعي
أمس، وأنا أتصفح السيد إكس شدني منظر روبوت موجّه بالذكاء الاصطناعي يعمل في ورشة حدادة، ما أدهشني في هذا الآليّ قدرته العجيبة على العمل الاحترافيّ الذي يُميّز الحديد من غيره، فتح هذا المشهد بحراً من التساؤلات التي دارت في عقلي، وفي مقدمتها مصير الإنسان وسط تعاظم الاهتمام العالمي بالذكاء الاصطناعي.
لماذا تسعى الشركات المليارية وكبار رجال الأعمال في العالم إلى تعظيم الذكاء الاصطناعي والدعوة إلى المزيد من الاهتمام به؟ في حين أن الدول الرائدة فيه قد سجلت الكثير من السلبيات التي خلّفها الذكاء الاصطناعي على الإنسان، هل فعلاً تبحث هذه الشركات عن الرخاء للإنسانية أم إنها تهدف إلى جعلنا عبيداً لأصحاب شركات الذكاء الاصطناعي؟ تساؤلات كثيرة تحتاج إلى إجابات مقنعة من قِبل الدعاة إلى تطبيق الذكاء الاصطناعي، والذين جعلوا المستقبل في الذكاء الاصطناعي.
ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع قضية سمعتها في الأخبار عن الرائد في مجال الذكاء الاصطناعي السيد إيلون والذي رفع قضية على شركة تسلا الرائدة في نفس المجال، بحثتُ قليلاً عن سبب الخلاف بين عمالقة التكنولوجيا فوجدت أن إيلون يخشى على مستقبل الإنسان من الذكاء الاصطناعي كما يدّعي، وضعْ عزيزي القارئ خطاً تحت هذا الادعاء. عزيزي القارئ: إذا سلّمنا بنوايا عمالقة الذكاء الاصطناعي، ونحن نعيش في عمان أزمة الباحثين عن عمل، هل من المفترض أن نسعى خلف الذكاء الاصطناعي ونحن نعلم أنه سيؤدي إلى تفاقم مشكلة الباحثين عن عمل؟ فالذكاء الاصطناعي يستطيع أن يعمل محل الإنسان وبجودة أعلى، ولكنه في نفس الوقت سيخلق إشكالات يصعب حلها وتدارك أثرها على المواطن.
هذا ما يتعلق بالإنسان في عصرنا الحاضر، فماذا عن الأجيال القادمة؟ كيف سيكون حالها بعدما تُسطّر الآلة مستقبلها وتهيمن على كيانها؟ وإني على يقين بأن الإنسانية تعبر نفقاً مظلماً باعتمادها على الذكاء الاصطناعي في تسيير شؤون حياتها؛ فهي تفقد القيم الإنسانية والمُثُل العليا التي جاءت بها الشرائع الربانية.
وقد تجلى لنا هذا الأمر فيما يحدث في العالم من دمار وحروب وسيلتها الطائرات المسيرة والقنابل التي كان للذكاء دوراً ملموساً في تصنيعها.
وفي ختام هذا المقال، والذي لن يروق للكثير من القرّاء أقول: إن الذكاء الاصطناعي قادمٌ وبقوة، ولا يجب علينا مقاطعته بل التعامل معه وتسخيره لخدمتنا؛ ولكن مع التنبه لمسألة ألّا يكون هذا الذكاء الاصطناعي اللص الذي يقتل مواهبنا والإبداع الذي فطره الله فينا.
