ذكرى يناير لا تُنسى
أسماء بامخالف
في مثل هذا اليوم، العاشر من يناير من عام 2020 غطَّت سماء وطني الشامخة غمامة سوداء، تبدَّل فيها وجه عمان المشرق، وبريقها الساطع، إلى ليل مظلم وسواد مخيف، يوم الحزن الأكبر، والصرخة الأعظم، فقد حدث ما لم يكن في الحسبان، ولم يفكّر فيه العقل والوجدان، لقد ضاقت بنا الأرض، وصعب علينا الأمر، وتراقصت أمامنا الأحزان، وضاعت مِنّا الابتسامة، وامتسحت من وجوهنا الضحكة، وغابت عنا الفرحة، ورغم قناعتنا بأن الموت حقّ، وسُنّة الله في الخَلق، وأمْر الله المحتوم ومراده النافذ، إلا أننا لم نكن نتخيله فيمن نعشق ونحب، فقد غَيّب الموت سندنا وعضدنا، ملهمنا وحليمنا، سيدنا وسلطاننا، نبضنا وروحنا، نهضتنا وانتصاراتنا، نجاحنا وتقدمنا، منهجنا وسيرتنا، قوتنا وعزتنا، أملنا وسلوتنا، مجدنا وتاريخنا، فرحنا وبشرنا، أبانا قابوس طيّب الله ثراه، فقد فُجعنا بوفاته، وكُسرنا بفقده، وانهمرت أنفسنا بغيابه، لذلك عندما أقول بأن الدموع التي نزلت من مآقي عيون أهل الغبيراء في مثل هذا اليوم تشبه أفلاجها المنسابة من أعالي الجبال في قوة جريانها، لا أبالغ، ولكنها حزينة الرؤيا، ومعتمة اللون، والقلوب تنبض بنبضات متسارعة أمام شاشات التلفاز لعلها تكذّب الخبر، وعقولنا ما بين خيال الصدق تعيش وبين حقيقة الواقع تتأمل، ولكن صدى الصوت قد وصل إلى حصون عمان الشامخة، وارتفعت من مآذن الجوامع والمساجد دعوات عمان الصادقة الوفية، فأدمى رحيله الجروح، وأسدل غيابه الستار على مرحلة من نهضة عمان الشامخة، نعم إنه رحل من عالمنا، ولكنه ما يزال في قلوبنا نستذكره في كل المناسبات التي تمر بها بلادي الحبيبة، وكأنه يوشك أن يخرج لنا ملوّحاً بيده، رغم مضيّ أربع سنوات على رحيله إلى الفردوس الأعلى، إلا أنه ساكن في كل تفاصيلنا، وخالد في ذاكرتنا وتاريخنا المجيد إلى الأبد، فهو الغائب الحاضر في ذاكرة العمانيين.