الثلاثاء: 01 أبريل 2025م - العدد رقم 2507
Adsense
الخواطر

وداعًا يا رمضان ..

عادل بن حميد بن عبدالله الجامعي

رمضان، يا أنيس القلوب، ويا مُهذّب الأرواح،

يا ضيفًا ما أكرم نزوله، وما أعذب أيامه،

يا من زرعت فينا النور، وسقيتنا السكينة، وعلّمتنا كيف يكون العيش في حضرة الإيمان..

تمهّل قليلًا، فإن القلوب ما شبعت من لُقياك، والأرواح ما ارتوت من نفحاتك.

*أيا شهرُ منّا عليك الوداع…*

كم ليلةً أحييناها في ظلالك نترقب الفجر، وكم سجدةٍ سجدناها خاشعين لربك،

كم دمعة نزلت ونحن نرجو الغفران، وكم دعاء صعد من أفواه الصائمين إلى السماء،

كم آية تُليت، وكم قلبٍ عاد إلى الله، بعد أن كان تائهًا في دروب الهوى.

*أيا شهرُ منّا عليك الوداع…*

لقد علّمتنا كيف نُطهّر نفوسنا من أدران الدنيا،

وكيف نُحب في الله، ونعفو لله، ونعطي لله،

علمتنا كيف يكون الجوع طريقًا للتقوى،

وكيف أن الإمساك عن الطعام فيه انطلاق الروح إلى الأعلى.

*أيا شهرُ منّا عليك الوداع…*

رمضان، أنت الذي ترفع الهمم، وتبني فينا رجالا ونساءً يسابقون في الخيرات،

فإذا بالمجالس عامرة بالقرآن، والبيوت مزدهرة بالدعاء، والقلوب تنبض بذكر الله.

أيها الشهر العظيم، كم من بابٍ للخير قد فُتح في لياليك وأيامك، وكم من نفسٍ هذّبها صيامك، وكم من قلبٍ ذاب في محرابك.

*أيا شهرُ منّا عليك الوداع…*

كنا نظن أنّ أيامك طويلة، فإذا بها تمضي كالحُلم،

مرّت عشر الرحمة، ثم المغفرة، ثم العتق من النار،

وها نحن الآن، نلملم مشاعرنا، نغالب دمعنا،

نهيئ أنفسنا لفراقك، وقد اعتدنا دفء لياليك، وحلاوة صباحاتك.

*أيا شهرُ منّا عليك الوداع…*

كم من خطيئة غسلتها دموع التائبين فيك؟

وكم من فؤاد قاسٍ رقّ فيك؟

وكم من قلوب متخاصمة تصافحت؟

كم من طعامٍ قُدّم لفقراء؟ وكم من صدقةٍ أنارت ظلمة؟

أنت لست شهرًا فحسب، بل كنت مدرسةً، وجيشًا، وشفاءً، ومولدًا جديدًا لأرواحنا.

*أيا شهرُ منّا عليك الوداع…*

يا شهر التراويح والتهجد،

يا شهر القيام بالليل والصوم والتطهير،

يا شهر الطمأنينة في العتمات،

يا شهر العفو الكريم، يا شهر جبر الخواطر، يا شهر الله.

*أيا شهرُ منّا عليك الوداع…*

وداعك ليس كأي وداع،

فإذا مضيت، مضت معك النفحات،

وإن انقضيت، انقضت معك الليالي التي يُرجى فيها القبول، ويُخشى فيها الردّ.

*أيا شهرُ منّا عليك الوداع…*

لكننا نعاهدك، يا كريم،

أن نبقى على العهد، أن نحمل روحك في قلوبنا،

أن تبقى فينا جذوة الطاعة متقدة،

وأن يكون بعدك رمضان صغير…

في كل يوم، في كل جمعة، في كل ركعة، في كل قلب حيّ.

*أيا شهرُ منّا عليك الوداع…*

سلامٌ عليك إذ أقبلت،

وسلامٌ عليك إذ أقمت،

وسلامٌ عليك إذ هممت بالرحيل…

اللهم اجعلنا من المقبولين، ولا تجعلنا من المحرومين،

واجعل آخر عهدنا به سجدةً خاشعةً ودمعةً راجية، وقلوبًا متعلّقة بلقائك في كل حين.

* أيا شهرُ منّا عليك الوداع…*

فيا رب رمضان،

اجعل لنا بعده رمضانًا لا ينقطع،

ورقةً لا تذبل، وطاعة لا تخبو،

وارزقنا رمضانًا أبديا دربنا إلى جناتك،

حيث لا فراق، ولا وداع، ولا ألم…

بل رضاك، وجوارك.

*أيا شهرُ منّا عليك الوداع…*

فيا رب إن أحييتنا فبلغنا، وإن توفيتنا فاقبلنا.

اللهم آمين

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights