بني صهيون راحلون ولو طبّع المتخاذلون
خلفان بن ناصر الرواحي
نعم، نقولها بكُلِّ ثقة ولا يعترينا أدنى شك بحول الله تعالى وعزته، ثم برباط جأش أهل غزة العزة والكرامة المرابطين، وأهل أرض فلسطين المحتلة قاطبة، وبوقفة من كان عونًا لهم وسندًا في محنتهم من داخل أرض الرباط – أرض بيت المقدس- ومهبط الرسالات ومسرى خاتم الأنبياء والرسل أجمعين؛ محمد بن عبد الله الأمين- صلى الله عليه وسلم-، أو من خارج حدود تلك البقاع المقدسة من إخوانهم المسلمين أولي النخوة والشهامة والعزة.
واستنباطًا من مجريات ما يدور على الأرض رغم الخسائر البشرية والمادية الكبيرة التي أصابت قطاع غزة خاصة؛ فإنَّ بسالة رجال المقاومة الباسلة بطوفانها المزلزل منذ تاريخ ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ على الأرض؛ لهو خير شاهد على ما نقول بحول الله ونصرته ووعده، وسوف يكون بعزته سبحانه على يد الثلة القليلة، وليس ذلك أمرًا مستحيلا، فقد كانت المعارك والغزوات التي خاضها رسول الأمة المحمدية وغيرهم من الأنبياء والرسل لم تخل من ميزان عدم تكافؤ القوى، فقوة الله فوق كل قوة مهما كانت الظروف الصعبة، ورغم اختلاف الزمن والعتاد، فقد وعد الله عباده المتقين والمقيمين لحدوده بالنصر المؤزر، ولكن الأمر يحتاج إلى صبر وإعداد محكم لمقارعة العدو الصهيوني الغاشم في زماننا هذا؛ حيث المساندة العلنية من بعض قوى الشر أصبحت ظاهرة للعيان دون استحياء أو حتى احترامًا لسيادة الدول والمواثيق الدولية التي وقعتها تلك الدول!، وكأننا نعيش في زمن الغاب بمبدأ ” البقاء للأقوى”. يقول سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَىٰ مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّىٰ أَتَاهُمْ نَصْرُنَا ۚ وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِن نَّبَإِ الْمُرْسَلِينَ﴾-[ الأنعام: 34].
ومما يؤسف له أيضًا أن نرى ممن يحتسبون قادة لبعض الدول العربية والإسلامية ما زالوا يعيشون تحت ضغط مظلة الدول الراعية للإرهاب الممنهج وقوى الشر العالمي التي تدعي أنها دول التقدم والديمقراطية المزيفة، فإلى متى يظل أمثال هؤلاء تحت رحمة ما يملى عليهم والشعوب تثور غضبًا؟!، وما الذي جنوه من إبرام اتفاقيات التطبيع المزعوم؟!، إنه حقًا زمن الغثاء الذي ذكره الحبيب عليه السلام في حديثه المروي عن ثوبان، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها»، فقال قائل: ومِن قلة نحن يومئذ؟ قال: «بل أنتم يومئذٍ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن»، فقال قائل: يا رسول الله وما الوهن؟ قال: «حب الدنيا، وكراهية الموت».(أخرجه أبو داود).
ومما يزيدنا غرابة أيضًا أن نسمع ونرى بعض المقاطع المتداولة في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي أو قنوات البث الفضائي بعض المحبطين من رعاة الطائفية والمذهبية المقيتة التي لم تسلم ألسنتهم من التهجم على رموز المقاومة الباسلة، وليتهم صمتوا وناموا على ديباجات الترف التي يعيشون فيها، وليتهم يكفون ألسنتهم عن الحديث عن أمور نحن في غنى عنها في هذه الظروف الصعبة التي تمر بها أمتنا الإسلامية والعربية، وأمثال هؤلاء كمثل شجرة خبيثة تنشر سمومها فيتوجب قطعها من أصولها.
وليس ذلك ببعيد أيضًا عن بعض المتصهينين من الساسة أو من عامة الشعوب ومحسوبين أنهم من الأمة الإسلامية والعربية، ويظهرون ولاءهم لبني صهيون وقوى الشر المساندة لحكومة بني صهيون. ولنا عبرة في كتاب الله في قصة جالوت عندما خرج يقاتل طالوت؛ حيث قال سبحانه: { فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ والَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لا طَاقَةَ لَنَا اليَوْمَ بِجَالُوتَ وجُنُودِهِ قَالَ الَذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاقُوا اللَّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإذْنِ اللَّهِ واللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ }- [ البقرة 249].
لكننا نقول لهؤلاء وأمثالهم من المطبعين؛ “بأن بني صهيون راحلون ولو طبّع المتخاذلون”، وقول الله سبحانه وتعالى في سورة الصف لهو البرهان الباقي؛ حيث قال سبحانه:{يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8)}. وقوله سبحانه في سورة الحج: {الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)}. صدق الله العظيم.