بدايات إدراكي وحفظي .. من ذاكرة الطفولة
سعيد بن خميس الهنداسي
يدور بداخلي تساؤل:
تُرى في أي سنٍّ وأنا صغير بدأتُ مرحلة الإدراك لِما يدور حولي من أحداث؟ وهل أحفظ شيئاً من المواقف في ذاكرة الطفولة الآن؟
بطبيعة الحال، كلٌّ منّا يمرّ بأطوار حياتية عديدة، ومنها التي نبدأ من خلالها إدراك أو حفظ شيء من الأحداث التي عايشناها وتظل عالقة في الأذهان، ونستذكرها كلما مرّ بنا موقف مشابه، وقد يعود ذلك إلى طبيعة تكويننا وقدراتنا العقلية التي قد تختلف من شخص لآخر، فتكوين المفهوم التاريخي لدينا يبدأ من خلال تجميع بعض المعلومات عن ذاتنا، وعن المحيطين بنا، وعن البيئة التي ننتمي إليها، وقد نبدأ في تكوين الكثير من المشاعر والأحاسيس نتيجة تفاعلنا وتعاملنا مع المحيط الاجتماعي الذي نعيش فيه، فمن خلال ما نمر به أثناء عملية التنشئة الأسرية والاجتماعية، وما نمارسه من أنشطة مختلفة سواء في الأسرة أو في المجتمع أو المدرسة، ندرك ما نحب وما نكره، وما يُشبع دوافعنا ويستثير ميولنا ويلفت انتباهنا وما يفرحنا ويحزننا.
وقد يتطور إدراك ذاتنا نتيجة لنموّنا العقليّ والجسديّ والنفسيّ، والتفاعل مع الآخرين، فالقدرة على الاحتفاظ بالأشياء في الذهن “الذاكرة” قد تكون متوسطة، ولهذا فمن السهل أن نفقد كأطفال تسلسل الأفكار عندما نقوم بشيء أو نتحدث عن شيء، وهنا قد نحتاج للمساعدة كي نحافظ على تسلسل الأفكار، وقدرة التذكّر ليست ثابتة، فذكرياتنا هي أشياء متحركة تتغير بمرور الوقت.
ومن المسلّم به أن ثمة فروقاً فردية بين الأشخاص في قوة الذاكرة، بجانب البيئة والتنشئة التي يمكن أن تكون معززة لتذكّر أحداث معيّنة لكثرة تكرارها، مع الوضع في الاعتبار أن كلّ طفلٍ مختلف عن الآخر، وعلى اعتبار أن عمري مثل ما هو مذكور في جواز السفر من مواليد مايو ١٩٦٥م، إلا أنه في منتصف عام ١٩٦٧م يشاء العلي القدير
أن يتوفى والدي وعمري في حدود السنتين، ومن الطبيعي أنني لم أحفظ شكله، ولم أتذكر الفترة التي قضتها والدتي بتربيتي في بيت أبيها بالخويرات، والتي شارفت على السنتين قبل زواجها الثاني في بداية ١٩٦٩م، ولم أحفظ فترة ولادة أخي علي في بداية ١٩٧٠م، ولم أتذكر فترة حكم السلطان قابوس والتي كانت في ٢٣ يوليو من عام ١٩٧٠م.
في الواقع ذكريات الطفولة التي بدأتُ في إدراكها وحفظها بذاكرتي بدأت تقريباً مع نهاية عام ١٩٧١م وبداية عام ١٩٧٢م وأنا في السادسة أو السابعة من عمري، حيث أتذكر هنا الكثير من المواقف التي عايشتها والتي سأتناولها في مقالاتي على شكل جزئيات قصصية، وسأحاول ربط تسلسلها التاريخي، فأسأل الله التوفيق في ذلك.