سلطنة عُمان تحتفل بالعيد الوطني الرابع والخمسين المجيد المجيد
Adsense
مقالات صحفية

نحن في غدورها

صالح بن خليفة القرني

لم يعد مستساغاً أن أمنع أولادي منعاً قاطعاً من اقتناء الأجهزة الذكية بمختلف أنواعها، كما أنه لم يعد بالإمكان السيطرة على ما يشاهدون ومن يتابعون، وبما أننا وصلنا لمرحلة اللاعودة كما يقول المثل العماني “أنا عاد تو في غدورها” والذي يُضرب لمن وصل رأس النخلة لإنجاز عمل فيها، ولا يريد النزول حتى إنهاء عمله.

يدخل الأولاد والبنات على حدّ سواء مختلف التطبيقات ويعبثون بالعديد من الألعاب الإلكترونية، ويتصفَّحون غثّها وسمينها، ويَلِجون دون رقابة الأهل أغلب وسائل التواصل الاجتماعيّ، فتتكوّن لديهم أفكار، وتترسَّخ عندهم قيَم، وتنمو لديهم توجُّهات، وتنشأ عندهم قناعات، وما عمل عليه الوالدان لعقدٍ من الزمان يمسحه صديق تعرّف عليه في لعبةٍ عن بُعد، ولأثبت لك صدق كلامي أطلبْ من أحد أبنائك أن يُدخلك إحدى الألعاب، وستسمع وترى العجب.

حينما تتصفّح وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ترى استماتةً على الشُهرة، ولهثاً خلف زيادة أعداد المتابعين، وتسويقاً لإعلانات أغلبها تفتقر للمصداقية، واستعراضاً ليوميات أصحاب الحسابات، فيظهرون بمظهر غير حقيقي. فتمثيل وتَصَنُّع وادعاء السعادة بين رحلات وسفرات وتجمعات وطبخات وجلسات.

ثم ماذا بعد ذلك؟

يدخل الطفل والمراهق كذلك في مقارنات بينه وبين الآخرين، فيصبح ملحّاً متطلباً، ويزيد لديه هوَس الاستهلاك، ويرغب في تجربة ما يراه، ممّا يثقل كاهل الأسرة، ويزيد من نفقاتها.

لن أحصي مشاكل الأجهزة الإلكترونية وما حوَته من تطبيقات، فالجميع أصبح يعرفها، والجميع يدرك أنه لا مجال للاستغتاء عنها، ولكنني أردت التنبيه على ضرورة مراقبة الأبناء، والجلوس معهم وعقد جلسات حوار بينهم تُطَعّم بالتوعية الدينية أحياناً، والقانونية والتربوية أحياناً أخرى.

فكل المربّين يدركون استهداف شباب المسلمين والمراهقين منهم خاصة، فأفلامٌ تروِّج للمثلية، وقنوات تدعو للإباحية، ثم يأتي أحدهم فيقول: ” هيه مو بايين لنا؟ ومن سائل عنا؟”.

دوري كأب أن أتابع أولادي وأعقد جلسات حوار مستمر معهم، أبصّرهم بالمسموح والمحظور دينياً واجتماعياً وقانونياً، وأقنن لهم استخدام الأجهزة في أوقات محددة، أمّا أن أمنعهم، فغير ممكن، باختصار لأنني في غدورها.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights