2024
Adsense
مقالات صحفية

رحلة أوروبية .. ” ساحة الدومو “

سعيد بن خميس الهنداسي

مهما تحدثنا عن جماليات المواقع السياحية بإيطاليا فلن نجد من الكلمات ما يناسب وصف روعتها وغناها بالأماكن الأثرية والحضارية التي تتناغم مع جمال الطبيعة، وغناها الفني والتاريخي وتطورها في عالم الأزياء والثقافة وكذلك مطبخها المشهور بأنواع المعكرونة والبيتزا الإيطالية، والسياحة فيها تعتبر من أسرع القطاعات الاقتصادية نمواً؛ لذلك تستقطب العديد من السياح حول العالم.

وفي رحلتنا هذه تنقلنا في ربوع إيطاليا بين شمالها وجنوبها وشرقها وغربها، بدأناها بمدينة باري في الجنوب ثم انتقلنا لأقصى الشمال بمدينة ميلان، وزرنا فيها مدينة البندقية وسيستو كاليندي، وملعب سان سيرو، واليوم نزور معلم آخر بمدينة ميلان حيث تعتبر مزاراً سياحياً ساحراً له رونقه الخاص ويختلف عن باقي المواقع الإيطالية؛ بل من أشهرها ألا وهو ساحة الدومو، حيث يعتبر هذا المكان الجميل وجهة رائعة للسياح بسبب احتضانها لمتنفس هام لمختلف الزوار من الأفراد والأسر بشكل عام، وكونها تقدم حلولاً متنوعة للتنزه لما توفره من مناخ ترفيهي مثالي وتنوع في المقومات السياحية.

فأول ما يطالعك بساحة الدومو الكنيسة البيضاء وهي من أكبر وأضخم كنائس أوروبا، وتتميز بشكلها العجيب والرائع وهي تحفة معمارية من ناحية جمال وروعة البناء المعماري والتصاميم والمنحوتات والمجسمات، وكذلك أبوابها منحوت عليها مجسمات ورسومات عجيبة لها دلالات معينة، وتضم في الداخل متحف ولوحات لأشهر رسامين العالم وأعمال فنية وأشياء أخرى كثيرة، وهذا المعلم السياحي يقصده الملايين والدخول للكنيسة يتطلب حجز تذاكر أما بشرائها من الشبابيك المخصصة لذلك أو عن طريق النت، وربما وقفت لساعات عديدة في طابور طويل لتحظى بفرصة الدخول وقد تخدمك الظروف لتدخل أن تحليت بالصبر فهذا البناء العجيب يستحق الزيارة، والتقاط الصور التذكارية الجميلة بجانبه فهو مكان حيوي ومثير.

وعلى مقربة من الكنيسة أيضًا ستشاهد المجمع الفخم الرائع جاليريا فيتوريو إيمانويل الثاني، وهو عبارة عن مجمع تجاري له ممر مزدوج ومغطى يتكون من رواقين، وهو من أقدم المجمعات التجارية في العالم يعود تاريخه إلى القرن ١٩م، يعتبر المجمع من أهم الاماكن السياحية في ميلان ويستقطب الكثير من السياح والسكان المحليين الذين يأتون بغرض التسوق في أفخم المتاجر العالمية، أو تناول الطعام في واحد من المطاعم المميزة التي تقع بداخله، ويحيط بالمجمع المحلات التجارية والكافيهات والمطاعم والمتاجر المتنوعة، كما أن ساحة الدومو مكان مناسب للعروض والفعاليات والأنشطة، وتتحول الساحة إلى صالة مفتوحة للاحتفالات تقام فيها العروض الغنائية والفنية، وتعد من أهم أماكن السياحة وتجد الحمام بالساحة أمامك، وستشد انتباهك تلك الطيور التي تتجمع في الميدان ويمكنك التصوير معها فهي مألوفة، وقد تقف على ذراعك أو فوق رأسك.

ومن ملامح هذا الميدان سوف تتمتع برؤية تمثال فيتوريو ايمانويل الثاني بالإضافة إلى نافورة بيرماريني التي تعتبر من جماليات هذا المكان ولا بد من أخذ صورة للذكرى بجانبها، وستعثر أيضًا بهذه الساحة على مرافق ودورات مياه عامة تخدم الزوار والسياح، وقد تجذبك مناظر التصاميم المعمارية القديمة المنعكسة على بعض الأبنية الأثرية المحيطة بالميدان، ولا بد من الجلوس على أحد المقاعد المخصصة لذلك والاستمتاع بالمنظر ومراقبة كل ما يدور بهذا المكان الذي لا يُنسى, بالإضافة إلى ذلك سوف تجذبك بعض المحال التجارية التي تتنشر في أرجاء متنوّعة من ساحة الدومو لابتياع بعض من البضائع المتوفرة بها، وحتماً بأنك لن تفوّت الذهاب إلى متاجر الهدايا التذكارية المتوفرة للحصول على هدايا فريدة تُخلّد هذه الزيارة.

وها نحن نكمل يومنا السادس من زيارتنا لإيطاليا منبهرين بفن العمارة الأوروبية الذي لمسناه بهذه البلاد، وكما يبدو أنها استفادت سابقاً من عصر النهضة وهجرة الباحثين والعلماء والمهندسين إليها، وقد تأثرت بشكل عام بحضارات استوطنتها واستفادت منها في إبراز هويتها العمرانية وإيجاد طراز معماري جديد يعنى بتصاميم المباني التاريخية العريقة وزخرفتها وتأطير النوافذ بإطار هندسي جميل، وعمل شُرفات صغيرة أضافت لها لمسة جمالية إلى جمال لمستها التاريخية، واستمر استخدام النمط القديم على المباني الحديثة اليوم حتى أصبحت العمارة الحديثة تقوم على تشييد أغلب المباني وفقًا للمعايير الأوروبية القديمة, التي تم تصميمها من قبل أولئك المهندسين، وهكذا عملت هذه الإضافة على التصاميم الهندسية روعة وهيبة وشكل هندسي للمباني الأوربية التي تتميز بالشرفات القديمة التي تعكس اليوم صورة لا مثيل لها عن فن العمارة القديمة التي قد تعود لبدايات النهضة العمرانية الاوربية بالقرن التاسع عشر الميلادي؛ فرومانسية المشهد المعماري هذا بلا شك تعد فن يسحر الناظرين.

وختام جولتنا بإيطاليا كان مسكًا، فنحن وفي طريقنا إلى سويسرا كما كنا مخططين لهذه الرحلة فقد مررنا بمحطات القطار ومحطة القطار الرئيسية بميلان  فكان آخر عهدنا بإيطاليا هذه المحطة التي أبهرتنا بحجمها وما تحتويه من امكانيات حديثة ومتطورة وبناء تاريخي عريق وتصاميم معمارية بديعة، والمكان مزود بنوافير المياه الجميلة في أكثر من موقع وقد تجد بمبنى المحطة إلى جانب ذلك المطاعم والمقاهي المتنوّعة ومكاتب شركات الحجوزات وشركات الصرافة ومكاتب تأجير السيارات وغيره الكثير، وقد تشاهد سياح من مختلف دول العالم يرتادوا الموقع كمكان سياحي؛ فمحطة القطار المركزية بميلانو تعتبر من أكثر محطات القطار أناقة في العالم بالرغم من أنها قديمة، وقد أنشئت منذ عشرات السنين؛ فكل شيء هنا سيجذبك بكل تأكيد بما في ذلك المحلات التجارية الموجودة بها والسلالم المتحركة السريعة وغيرها من المرافق السياحية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights