صفِ قلبك مع إخوانك
يعقوب بن حميد بن علي المقبالي
الإنسان وإن بلغ معهُ شيءٌ من القدر أو الضيق أو الخصومات من وسوسة النفس أو وسوسة الشيطان والعياذ بالله منهما مع أي إنسان، سواء كان قريباً أو بعيداً، وهذا يعد شيئا بسيطا، ولكن تجعلنا نبتعد عن إخواننا ونغرس في نفوسنا صفات مذمومة، وهذا ما نلاحظه يحدث بين الناس وخصوصاً بين الإخوة المقربين من الأسرة الواحدة أو المتفرعة.
وقد يبني ذلك (الزعل) والخصومات بين فئات الناس من المجتمع بصفة عامة، فمثلاً يحدث أحياناً مع بعض الآباء والأمهات تفضيل أحد من أبنائهم أو بناتهم على الآخرين من أبنائهم، وهذا يحدث بحسن نية لا غير، وذلك لأسباب منها:
أن ذلك الابن يعمل ويقدم ويكرّس جلّ اهتمامهِ للعناية وتقديم ما يستطيع من معروف لأجل رضى أبيه أو أمه، فيصبح في عناية والديه ويكون هو الأقرب لهما من إخوتِه، مع العلم أن الأب أو الأم لا يفرقون بين ابنائهم، فيحبون جميع أولادهم ولا يفرقون بينهم ويعتزّون بهم جميعاً.
هنا تتولد الغيرة بين الأبناء، يتساءلون:
لماذا والدَانا يقدمان علينا أخانا أو أختنا؟ وهنا يكون الأبناء قد فتحوا باباً لوسوسة النفس أولاً، وكذلك مكنوا الشيطان ليوسوس لهم، ويبقي العقل يفكر والنفس ترسل ذبذبات إلى العقل حتى تتولد شحنات سلبية في عقول الإخوة، وتنشط بينهم الكراهية، ويبتعدون عن بعضهم بعضا شيئا فشيئاً، حتى يصلوا إلى مرحلة لا يطيق بعضهم الآخر.
في هذه الحالة يجب على الأبناء أن يجلسوا مع والديهم ويُخرجوا في جعبتهم من هموم وأفكار تدور في عقولهم وأنفسهم من الوسوسة، ويوضحوا لوالديهم ما قد يتركهُ هذا الشيء من أثر عند تفضيل أحد من إخوانهم.
وبعد الجلوس مع والديهم تتضح الرؤية بأنه لا يوجد تمييز بين الأبناء، بل ثمة شيء من تقدير الوالدين لأحد أبنائهم كمقابل لاعتنائهِ بهما، وهذا يحصل بحسن نية من الوالدين.
وإذا تغلبت عليك وسوسة النفس ووسوسة الشيطان، فهنا بلا شك ستخسر حب الجانبين، حب الوالدين وحب الإخوة، ولكن علينا جميعاً آباءً وأمهات وأبناء، أن نتصدّى لوسوسة النفس ووسوسة الشيطان، ونجعل لهما حداً، أن لا يدخل في خلجات قلوبنا، ونصفّي نفوسنا من الحسد والضغينة، وأن نجعل ثقتنا بِـآبائِنا وأمهاتنا وإخوتنا ثقةً سليمة لا يتخلّلها أيّ كدر أو وسوسة، وإن حصل شيء كهذا فعلينا أن نصفح عن ما مضى، ونجدد الروابط والترابط بيننا جميعاً حتى نتغلب على وسوسة النفس ووسوسة الشيطان والعياذ بالله من كلا الوسوستين، ونجعل صفاء نفوسنا ونقاءها أبرز ما نتميز به بين بعضنا بعضا، مغمورة بالتقدير والطاعة، وأن يسود بيننا الاحترام والتقدير، وأن تكون نفوسنا نقية صافية للجميع.