المجالس وما يدور بِداخِلها
يعقوب بن حميد بن علي المقبالي
المجالس أماكن تجمع بين الناس في أفراحهم وأتراحِهم، وهي تعد مدارس يُبنى عليها مستقبل الأجيال؛ إن وجدت من يقود زمامها الصحيح إلى رسالتها المنوطة بها، فهي تعد بحد ذاتها منذ العهود الماضية مجالس تناقش فيها أحوال الناس؛ لوضع الحلول المناسبة لها، واستقبال الضيوف والترحيب بهم ووضعهم في المكان المناسب.
لكن ما نلاحظه في وقتنا كثرة المجاملات في هذه المجالس، فقد فقدت تلك المجالس أصالتها، وبنيتها الاجتماعية، ووظيفتها المنوطة بها، فكثيراً ما نلاحظ عند وصولنا إلى المجلس لتأدية أي واجب من الواجبات الاجتماعية كثرة المجاملات، والقسم بِغيرِ مبرر وخصوصاً مع أصحاب النفوذ والمناصب، أو من الذين يستطيعون عن طريقهم الوصول لشيء ما في معاملاتهم الحياتية.
هنا لا بد أن أطرح سؤالاً وهو: الذين حضروا لتقديم إحدى الواجبات الاجتماعية أليسوا جميعا أتوا لنفس الواجب؟
إن كان الجواب ببلى، فلماذا نقدم ونؤخر القادمين إلينا؟ لماذا لا نجعلهم متساوين في ذلك المكان؟ وعليهم أن يجلسوا حتى انتهاء جلوس المودين لذلك الواجب، ومن ثم سيقوم المعنيون بذلك الواجب ويجلسون ويتبادلون معهم أطراف الحديث، ونترك المجاملات، ونجعل الجميع في كفة واحدة متساوين، مع علمنا أن الجميع جاءوا ليلبوا دعوتنا، أو أتوا لمواساتنا لا قدر الله تعالى.
حتى يعلم الجميع أن جميع من في هذا المجلس متساوون لا فرق بين أحد منهم، كما عليهم ترك القسم؛ حتى لا يقعوا في إثم ويلزمهم كفارات اليمين.
نعم، علينا أن نقف جميعا وقفة واحدة؛ لنتصدى لهذه الظاهرة الخطيرة التي لا تجلب إلا الفراق والشتات بين المجتمع، وكذلك أحياناً تولد البعد والتباعد بين من أتوا إلى هذا المجلس، وحتى لا نقع في الضرر ونحن في غنى عنه لأجل إجلال ذلك الشخص وتقديره الذي نقدره ونبجله ونعظمه؛ لأنه صاحب نفوذ أو مقتدر مادياً، أو نستطيع من خلاله أن نصل إلى مبتغانا في الحياة.
لماذا نهُمل الباقين الذين تجشموا عناء الطريق، وتركوا أعمالهم وواجباتهم للحضور إلينا لتقديم ذلك الواجب الاجتماعي؟
ختاما، نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا جميعا، ويبعدنا عن المجاملات، وأن نكون متآلفين جميعاً صفاً واحداً لا شقاق ولا نفاق بيننا.