ليلة محمومة
كلثوم بنت يوسف البادية
في إحدى ليالي الشتاء الطويلة، وأيامه الماطرة، وأجوائه الخرافية الممزوجة بشبة النار، ورائحة المطر، وفنجان قهوة مرّ،
أخذتني اللحظات
لتلك الذكريات
ذكرياتي الأليمة
وأيّ ذكريات؟
آهٍ
كم كانت صعبة تلك الأيام،
تمرّ الدقائق و كأنها أعوام،
و تستغرق الساعات دهراً من التفاصيل العميقة لتغادر، ولكنها تعود مجدداً لتمكث في ذاكرتي.
و في لحظة صمتٍ، عادت بي ذاكرتي البالية إلى هواجس أيامي الفانية، فاستذكرت آمالي التي رسمتها على ذاكرة الزمن
وأحلامي التي سطرتها على دفتر العمر
فسالت دمعةٌ غزيرةٌ مريرةٌ من عينيّ،
فحفرتْ على خدّي لتذكّرني بما تمنيت.
ثم تذكرت أحزاني التي مضغتها
وغصّاتي التي تجرعتها،
فكانت تناهيد قلبي المتتالية
شاهداً على ذلك.
و أناملي النحيلة دوّنت كلّ أحزاني، ولكنها بُترت من شدة ما حلّ بها.
أجنحتي المستعارة قطَعتها رياح الأسى ثم ألقَتْ بها في الهاوية.
في تلك الليلة كبُر عقلي مائة عام، وتنهدتُ ثلاثة آلاف تنهيدة،
حتى صرخَتْ رئتاي:
ويحك،
ما الذي أصابك؟
كفاكِ من هذا العناء
انهضي وانفضي عن عاتقيك
تراب اليأس و الألم، وحلّقي في سماء الأمل، وحرري نفسكِ من ماضيكِ التليد،
فأنتِ فتاة اليوم.