2024
Adsense
مقالات صحفية

2023 صناعة بدايات.. وإشراق نهايات..

د. محمد عزيز عبد المقصود
أستاذ لغويات مساعد بكلية اللغة العربية
جامعة السلطان عبد الحليم معظم شاه الإسلامية العالمية ماليزيا
الإيميل /mohamedaziz@unishams.edu.my
mohammadaziz1974@yahoo.com

صفحات عام 2022 أغلقت بما فيها من أحداث وذكريات، عملنا فيها ما قُدّر لنا أن نعمله، وكم من أمنيات تحققت!، وهناك أهداف لم نوفق في تحقيقها، ومع إسدال ستار آخر يوم فيه طويت الصحف، وجفت الأقلام، وأشرق فجر عام جديد 2023 ليأتي معه الخير، وتتجدد معه أمنيات وطموحات، وما دام في العمر متسع فهناك عمل كثير وتخطيط وتنفيذ ومتابعة لتطوير الذات والارتقاء بها قُدما نحو بنائها بناء يتسق وطبيعة العصر الذي نعيش فيه، فلا مجال للكسل والدعة، ولننتفض انتفاضة اليقظة والانطلاق لمستقبل مليء بالخير الوفير، ولننفض عنا غبار الخمول، فما عادت تعرفه النفس، ونحن قادرون -بإذن الله تعالى- على صناعة بدايات جيدة من خلال تحليل ما قدمناه خلال عام 2022، فما تم إنجازه وتحقيقه نحمد الله تعالى عليه، وما لم يتم إنجازه ننظر فيه مرة ثانية، ويكون في بدايات اهتماماتنا خلال خطة 2023، ومع استكمال بناء الخطة من خلال أهداف متجددة سنكون قد رسمنا بدايات موفقة إن شاء الله.

وتأتي أهمية بناء خطة 2023 في أننا أصبحنا في عصر يتطلب منا سرعة الانتقال والبناء ومتابعة المستجدات لمن يريد أن يكون رقما مؤثرا فيه، ولا يمكن لنا أن نحقق ذلك إلا من خلال بناء متكامل البنيان، سواء في محور الذات أو الأسرة أو المجتمع، وكل هذا يُسهم في استقرار مجتمعاتنا والارتقاء بها نحو الأفضل؛ ومن ثم تشرق نهايات مضيئة تكون دافعة لغيرنا للإفادة منها وإعادة بناء محاوره.

فأما محور الذات ففيه كثير، وكل في مجاله يستطيع أن يرسم لنفسه خطة محكمة للارتقاء بها من خلال متابعة نقاط القوة، فيعمل على المحافظة عليها مع تطويرها وتنميتها، ومعرفة مواطن الضعف جيدا فيعمد إلى معالجتها، ويرتقي بها حسب معطيات أموره، وربما تكون هناك بعض استراتيجيات في التخطيط أو التنفيذ أو المتابعة كانت غير موفقة، فلنُعد بناءها من جديد بما يتناسب مع مستجدات ترتقي بها وتسهم في معالجتها.

ويأتي محور الأسرة التي هي عماد كل شيء، فبناؤها بناء للمجتمع، وأزعم أن كثيرا من مشكلاتنا الأسرية وجدت بسبب أننا لم نفهمها جيدا، نعم، هناك مشكلات متعددة، ولو طرحنا سؤالا لكل رب أسرة عنده مشكلة محددة يعاني وتعاني منها الأسرة: هل تستطيع أن تضع يدك على السبب الحقيقي للمشكلة؟ (في تقديري ستتباين الردور والإجابات)، وسنجد بعضنا يعرف أن هناك مشكلة، وأن هناك مرضا ما، لكنه عند معالجته وضع علاجا للمرض لا علاجا لسببه، فمثلا قد نشعر بألم في موضع ما من الجسد ولا يكون هذا الموضع هو السبب، بل هناك سبب آخر آلمه، فمعالجة السبب سبيل لمعالجة المرض، وبهذا يمكننا فهم محتوى المشكلة من بدايتها لنهايتها، ويكون لنا دور إيجابي في علاجها لا أن نقف مكتوفي الأيدي نشاهدها ونكررها، وليس لنا دور مؤثر فعّال في علاجها.

وأما محور المجتمع فهو مبني في الأساس على استقرار أفراده وأسره، فعندما نكون وتكون أسرنا في أمن وأمان، ورغد من عيش واطمئنان؛ فإن المجتمع سيستقر وينمو؛ لأن هناك عطاء فياضا بلا حدود من أفراده وأسره، ذلكم العطاء الذي يحوّل المستحيل إلى ممكن، والبعيد إلى قريب، والقليل إلى كثير، فبالحب والتعاون والمشاركة الفعّالة تبنى المجتمعات وتنهض نحو رقي الحضارات، ولا أقول: سيكون عندنا مجتمع مثالي، لكن.. سنكون جميعا في مجتمع واحد، إن قابلتنا مشكلة –وستقابلنا لا محالة- وجدنا حلا لها، وهكذا حتى نستطيع أن نقلل منها، وبمجرد تلاشيها وغيرها يستقر المجتمع وتدور حركة حياته.

لتكن لنا وقفات مع بدايات 2023 لنفهم أنفسنا جيدا، ونعمل على المحافظة عليها وتنميتها والارتقاء بها نحو الأفضل دائما، ولنكن صمام أمان لأسرنا وما يحيط بها من مخاطر، ويحسن بعضنا الاستماع لبعض، ونتشارك فيما بيننا، ويفهم بعضنا بعضا؛ ومن ثم سيكون للحوار الأسري دور فعّال في معالجة كثير من المشكلات التي تعالجها كلمة طيبة من رب أسرة يعي تماما معنى الأسرة ومكوناتها، ولنعلم يقينا أن مجتمعاتنا لن ترتقي إلا بجهود أفرادها وأسرها بما يقدمونه من عطايا بلا حدود، وعندها نكون قد أحسنّا البدايات، ويا لها من نهايات مشرقة إن شاء الله!

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights