رسالة إلى غائب….
مريم الشكيلية
انقضى تشرين وأخذ معه تفاصيل أكثر الشهور موشومة بنا….
أطفأنا اثنتين وخمسين شمعة، وناب الفرح عنك… كنت أكثرنا حضوراً…
صوتك وملامحك وحديثك كلها كانت تنوب عنك.. كان حضوراً بنكهة الغياب…
الأعلام ترفرف كطائر يحلق فوق سماء مدننا، والأضواء ترسم لوحة عشق في كل مكان، وكل شيء كما كان..
أليس غريباً أن يجتمع الفرح الذي يهبط إلينا من كل زاوية من مقطوعة موسيقية، أو من أبيات شعرية، أو من أوشحة وطنية مع حزن يجعلنا نستعيد سنوات من الأعياد وشريط ذكريات لا تموت….؟
تسأل كيف نحن؟ وأجيبك: نحن بخير، لا زلنا كما نحن نقيم عوالم عيدك، نتوشح الانتماء….
نحن كما تركتنا في ذاك الفجر المنقوص منك، لا نزال نستقبل أجمل الشهور المكتظة بالفخر والبهاء وبك…
يتكرر سؤالك، وفي كل مرة أجيبك: نحن بخير، وسنعبر تلك الطرقات الضيقة، وتلك المنعطفات التي تركتها تلك الإصابات الكونية من وباء جسد، وانطفاء روح، وعبء جيوب…
سنتعافى من تداخلات الفقد مع إكمال السير..، ومن الخوف الذي علق في ملامحنا حين أصاب العالم بداء المجهول..، ومن ارتباك الأمل…
سنتعافى من اكتظاض التأويلات، وازدحام الذاكرة، وحتى من الرشقات التي تصوب نحونا بوابل من التكهنات، ومن تلك الشوائب التي خلفتها الأيام وأصابتنا بشيء من الغموض وفوضى الحواس، سوف نتعافى منها؛ لأننا لا نزال نحفظ عهدنا، ولا نزال نحتفظ بنقاء أرواحنا…
أخبرك أمراً سيدي….أعلم أنك كنت تراهن بنا وفي كل مرة تكسب الرهان، ونعلم أنك لم تتركنا حين تركت فينا من يشبهك، من ينوب عنك، ومن يجدف في هذه الأمواج التي تشتد بسبب العواصف الناتجة عن تراكمات الظروف….
أتعلم سيدي…. لطالما يستوقفني سؤال منذ ذلك اليوم ما الذي تغير فينا؟ ما الذي علق في جلابيب أصواتنا؟ وما تلك الندبة التي استفاقت على زاوية ملامحنا…؟