عاش السعودي للعرب
بقلم/عبدالله بن حمدان الفارسي
عشنا يوما لم يكن لأحد أن يتصوره أو بالأحرى يتوقع حدوث ما حدث فيه، لا المتشائم ولا المتفائل، ذلك السيناريو الذي أدهش العالم وأبهره، حدث رياضي تاريخي بمعنى الكلمة، في ليلة مونديالية استثنائية أُسقط فيها هرم الأرجنتين ورمزها الكروي الكبير، أمر لن نقول عنه غريبا وعجيبا، ففي عالم الرياضة لا شيء مستحيل، أمام الإرادة والعزيمة، والتخطيط الممنهج السليم، وأيضا متى ما كانت مصلحة الوطن فوق المصلحة الشخصية وفوق كل اعتبار، وبإرادة الرجال الذين عاهدوا وتعاهدوا وأوفوا، تندثر القمم وتتزعزع في دوحة العرب، وفي العرس العالمي ذائع الانتشار، قُبِضَ على ميسي من أشاوس السعودية، مع الاعتذار لفيلم (ليلة القبض على فاطمة).
رجل الأرجنتين القوي ورفاقه في عالم الساحرة المستديرة أُطيحَ بهم في يوم الثاني والعشرين من نوفمبر ٢٠٢٢، وفق مخطط تم الإعداد له مسبقا باستراتيجية احترافية لم يتوقعها أكثر المتشائمين، لكن الواثقين بالنفس والمعتدين بإمكانياتهم وقدراتهم كانوا يستشعرون موعد ملامسة عنان المجد، وأنهم صدقوا قولا وفعلا بأنهم (فوق هام السحب)، وكان لهم ما حلموا به وسعوا إليه.
كان يوم فخر للعرب وليس للسعوديين فقط، كيف لا يكون كذلك والنبض عربي في الوطن العربي من أقصاه لأقصاه، لمَ لا يكون الفوز حقا لجميع العرب؟! والحناجر متوحدة في تلك الأمسية تهتف بحرف (الضاد) والألسن جميعها تلهج بكلمة التوحيد، وتعلو الأهازيج وتصدح أنا سعودي أنا، أنا العربي أنا.
من يشكك في هذا الانتصار العربي بأنه جاء محض الصدفة، وأنه نتيجة حظ عاثر لميسي ورفاقه، وحسن طالع للفرج ورجاله، أقول: ما تحقق من نصر على أرضية المستطيل الأخضر لم يأتِ من فراغ، أو من توقع عشوائي، أو من تأتأة طفل لا يفرق بين التمرة والجمرة، جاء هذا النصر بعزيمة الرجال وبقوة شكيمتهم، والدليل على ذلك الإصابات والدماء التي ارتوى بها العشب الأخضر وزادته بهاءً واخضرارًا، منبعها رجال عاهدوا الوطن برفع اسمه وراية التوحيد.
الكرة تنحاز لمن يعطيها ويخلص لها، ولمن يقول لا يأس في الملعب حتى صفارة الحكم النهائية، وإلا كيف تتحقق (الريمونتادا) إلا بالإصرار والعزيمة، وكانوا رجال العرب مع الموعد، فقد أبهجوا وأسعدوا شرائح العرب كافة.
هذا درس للتاريخ، كُتب على سفح الزمن (لعام ٢٠٢٢)، وعلى صفحات المكان (دوحة العرب)، وفي مونديال عالمي (كأس العالم)، وبتوقيع (أبطال العرب)، لكم أن تفخروا وتتفاخروا أيها العرب بما تحقق وأنجز.
بلاد العرب أوطاني،،، من الشام لبغدانِ
ومن نجد إلى يمن،،،إلى مصر فتطوانِ
فلا حد يباعدنا،،،ولا دين يفرقنا
لسان الضاد يجمعنا،،،بقحطانِ وعدنانِ (للشاعر فخري البارودي)