2024
Adsense
مقالات صحفية

مؤتمر المناخ والسياحة

محمد علي البدوي

أعتقد أن العالم هذه المرة جاد في تخوفاته من تداعيات تغير المناخ، ولكن السؤال الأشد إلحاحا هو هل ستتخلي الدول المتقدمة عن أموالها طواعية لمعالجة مشاكل المناخ أو أن الأمر سيظل مجرد مؤتمرات ومبادرات حتى نجد كوكبنا ينهار تماما؟

ما يمكن إصلاحه الآن لا يمكن -مطلقا- إصلاحه غدا، والتكامل بين الدول مطلوب على أسرع وجه.

السياحة المستدامة هي أحد الحلول، فالآثار السلبية المحتملة على البيئة والتراث الثقافي والمجتمعات في جميع أنحاء العالم تؤكد حاجتنا الملحة إلى استدامة القطاع.

الكل مرتبط بالكل، السياحة مع الاقتصاد مع كافة القطاعات، بينهم جميعا تقاطعات وشراكات وتنسيق يجب أن يكون دوليا.

بإشارة سريعة إلى أضرار السياحة على البيئة نجد أنها تتمثل في الاعتداء على الغابات وقطع الأشجار بشكل مضطرد من أجل بناء المنتجعات، وبسبب تزايد الطلب على هذا النمط السياحي؛ زادت حدة قطع الأشجار، ومن ثم اختفاء الغطاء الأخضر، وأيضا اختفاء بعض الحيوانات المحلية.

أيضا التعدي على الشواطئ من أجل بناء المنشآت السياحية، وإلقاء المخلفات في البحر، وتدمير الشعاب المرجانية بشكل متعمد أو غير متعمد من أكثر الآثار السلبية للسياحة ضررا على البيئة والإنسان.

محاولة تغيير ملامح المناطق المحلية ذات الطابع الخاص بفرض طريقة معينة للبناء، وإهمال الطرق التقليدية التي تستخدم ربما منذ آلاف السنوات أدت إلى تغيير ملامح المجتمعات المحلية، وإلى اختفاء بعض التقاليد والحِرف وطرق المعيشة.

تغيير شكل البناء يستتبع بالضرورة تغييرا في عادات السكان المحليين وتقاليدهم الذين ينجذبون بشدة إلى كل ما تحمله السياحة من تقاليد تخالف التقاليد السائدة في المجتمع المحلي.

من المشكلات التي لا مفر من التطرق إليها مشكلة نفايات الفنادق والمنشآت، فهناك مدن سياحية كبري يتخطى عدد فنادقها ال ٥٠٠ فندق إضافة إلى كل ما يستتبع ذلك من خدمات موازية، مثل المطاعم والبازارات والأسواق وغيرها.

هناك بعض المدن تتخلص من النفايات عن طريق إلقائها في الصحراء أو في البحر أو حرقها بطرق بدائية جدا؛ مما يسبب ضررا جسيما بالبيئة.

كل هذه السلبيات وغيرها لا بد أن يناقش خلال جلسات مؤتمر المناخ المنعقد حاليا في مدينة شرم الشيخ، ويجب أن تحظى السياحة بنصيب ليس بقليل من جلسات النقاش والحوار.

المؤتمر فرصة ثمينة لتقدم منظمة السياحة العالمية رؤيتها حول كيفية تحقيق الرفاهية لجميع المجتمعات، وفرصة لطرح تصوراتها حول معالجة المشكلات البيئية التي تسببها السياحة.

إعادة استزراع الغابات، وقطع الطريق أمام من يملكون السلطة، ويدمرون البيئة، وإيجاد سبل بديلة للتخلص من النفايات، وتفعيل قوانين البناء على الشواطئ، ودفع الإعلام ليكون له دور في تشكيل وعي عام لدى السائحين والسكان الأصليين بضرورة الحفاظ على المناطق الطبيعية والتراث الشعبي واحترامه.

مؤتمر المناخ بمثابة صرخة يجب أن يطلقها رجال السياحة حول العالم؛ لكي يحصلوا على انتباه العالم، وطرح نماذج سياحية جديدة تحافظ على البيئة والتراث الثقافي، وتشجع الحكومات والأطراف ذات الصلة بضرورة سن القوانين الرادعة لكل من يفكر في الاعتداء على البيئة.
حفظ الله شعوبنا العربية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights