أمنية في ذكرى مولد سيد البشر
الدكتورة : سامية بنت مبارك حوسينات
كاتبة جزائرية
راودَتني أمنية في ذكرى مولده اليوم:
تمنيتُ لو دقَقتُ الباب عليه وأنا بكامل حجابي واحتشامي، فأذِنَ لي بالدخول، لأراهُ جالساً يشعّ نوراً وبهاءً وسكينة، ويفيض رحمةً وحناناً، كان يجلس بجانب زوجته الطاهرة العفيفة الوقورة، فسلّمتُ عليه وسلمتُ عليها، فردّا عليّ السلام رداً غسل قلبي من كل الهموم والغموم التي مضت، والتي ستأتي، فاستجمعتُ شتات نفسي، وبحثتُ عمّا يمكن أن أطلبه أمام حضرته الجليلة، فالوقت ضيّق، وعليّ أن أختصر الكلام؛ فنطق قلبي من دون استئذان يسبق لساني، قال القلب:
“يا رسول الله صَلِّ عليّ، إن صلاتك سكَنٌ لي، والله سميع عليم، وإني في أشدّ ما أكون حاجة لذاك السكَن.
يا سيدي، يا خير خلق الله، صلى الله عليك يا سيدي يا رسول الله.
إخوتي، لكَم تمنيتُ لو يحصل ذلك البِشر ولو في المنام، لأراه وتكتحل عيناي بمحيّاه الشريف، الذي يفيض رحمة وحناناً، فصلوات ربي عليه، لكني قلت في نفسي:
لماذا دوماً نطلب المبتغى بالمستحيل؟ ونغفل عن المتاح السهل الممكن الميسر من الله الرحمن الرحيم؟
أليست الصلاة على رسول الله رحمة وسكن لكل مؤمن؟ أليس من صلى عليه صلاة واحدة، صلى بها الله عليه عشرًا؟
ألا أدرك معنى أن يصلي الله عليّ سبحانه وتعالى؟ ويرفعني ويرحمني ويرفع درجاتي بفضله ومنته؟
أليس إن صليت عليه ردّ الله عليه روحه الشريفة، فرد علي السلام؟
ألا أدرك معنى أن يردّ عليّ النبي صلى الله عليه وسلم السلام باسمي؟
هل أنا مستوعبة لجلالة هذا الفضل؟
أليس سلامه عليّ يحوي من البركات والرحمات ما الله وحده عليم بها؟
ألم يقل وهو الصادق الأمين: أذكرني تُكفَ همك؟
لماذا نطلب الخير بالمعجزات والله سهّل لنا كل شيء في النوافل وشتى العبادات؟
فقررتُ أن أذكّر نفسي أولاً وأذكّر جميع مَن حولي بالصلاة على الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم في ذكرى مولده وفي سائر أيام الحياة، وأنا في السيارة، وأنا في فراشي إذا أصابني الأرق، وأنا في أي قاعة انتظار، وقبل الدعاء وبعد الدعاء، ولكن ليس أي صلاة، بل تكون صلاةً استشعرُ فيها فضله وسيرته وتاريخه، صلاةً أذكّر فيها نفسي بعظمة سنّته وضرورة السير على نهجه ووجوب الدعوة لهديه.
فالصلاة والسلام عليك يا خير خلق الله، عدد من صلى عليك، وعدد من لم يصلِّ عليك في الأولين والآخرين.