أرض السلام عمان ..

خوله كامل الكردي
في الثاني عشر من نيسان ستنطلق في سلطنة عمان مباحثات التوصل إلى اتفاق سلام بين الجانب الإيراني والجانب الأمريكي من جهة أخرى، وإذ تحتضن السلطنة مباحثات السلام؛ فهي تقدم خبرتها العريقة ومعرفتها الواقعية للأحداث وحكمتها في فض النزاعات وتهيئة الأجواء لإبرام اتفاق ينهي عقوداً من الخلاف بين إيران والغرب بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية، حيث ستساعد بنظرتها الثاقبة في تفاهم الطرفين للتوصل إلى اتفاق ينقذ المنطقة من نشوب حرب تضر بكل دول المنطقة.
مسقط تؤمن أن الأمن والاستقرار لمنطقة الشرق الأوسط، إنما هو استقرار للمنطقة العربية والعالم بشكل عام، واختيار عمان لتكون محطة هامة لإنجاز اتفاق ربما يوصف بالصعب والذي تنشده دول المنطقة. ولذلك عمدت عمان لتكون بوابة للسلام، لتجنب أي زعزعة للاستقرار وإشاعة الفوضى، والتي في المحصلة الجميع خاسر من أي خطوة قد تفضي إلى اشتعال حرب لا يمكن أن تحتملها دول منطقة الخليج العربي وجيرانها، وسلطنة عمان تدرك ذلك جيداً بسياستها الرزينة المتوازنة تجاه جميع القضايا. فالجمهورية الإيرانية تسعى بصورة حثيثة لمنع التصعيد العسكري وحرب التصريحات مع الطرف الأمريكي، وتجتهد للوصول إلى تفاهم مبنى على مصالح الشعب الإيراني، فتخصيب اليورانيوم كان ولا يزال المعضلة التي تزعم فيها الولايات المتحدة أنها مقدمة لامتلاك السلاح النووي، ولطالما نفت الإدارة الإيرانية تلك المزاعم، فعلى مدى عقود طويلة تعرضت مباحثات الاتفاق النووي لسلسلة من التذبذبات والشد والجذب بين الجمهورية الإيرانية وحلفائها الصين وروسيا من جهة والوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى، والمخاوف العالمية من إقدام الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها “إسرائيل” وارد بشكل كبير، فقد توعد رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترمب إيران باللجوء إلى القوة إذا ما تم التوصل لاتفاق بشأن سلاحها النووي.
وعلى المقلب الآخر فإن جهود سلطنة عمان لإرساء السلام ودعم جهود تحقيقه سياسة انتهجتها في عهد السلطان قابوس بن سعيد رحمه الله، وإلى الآن تجدد عهد الأسلاف في دعم الوساطات المخلصة ليعم الاستقرار والأمن ربوع منطقة الخليج العربي والمنطقة العربية، وقد عملت بلا كلل أو ملل على حل أزمة الملف النووي الإيراني، ونجحت في توحيد الرؤى وإبرام اتفاق تاريخي بين إيران ومجموعة خمسة زائد واحد، كما وأنها عملت بكل إخلاص وجدية لتقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع في اليمن ولا زالت تمد يدها لجارها اليمني ومساعدته، وعلى مدى تاريخها السياسي الرصين استطاعت أن تمتص العديد من الأزمات التي عصفت في المنطقة العربية والدولية.
إن الدولة العمانية لا تأل جهداً لإحلال السلام والأمن العالميين، وفتحت أبوابها لتضم مباحثات سلام بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية لدراية الطرفين أن عمان وسيط نزيه وموثوق به؛ لذا تم اختيارها لتضم مباحثات الملف النووي الإيراني.
فالأمل يحذو المجتمع الدولي لإبرام اتفاق بالغ الأهمية يحدد مصير المنطقة، ويزيل مخاوف اندلاع حرب تجر معها تداعيات كارثية على منطقة الشرق الأوسط والعالم، فيكفي الوطن العربي مأساة غزة… نسأل الله التوفيق لعمان لإسناد جهود السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي.