القناعة دليل الأمانة
بقلم الباحثة الإعلامية والكاتبة
نانسي نبيل فودة
صفة محببة يتصف بها الكثير من البشر، تجعله يأخذ جانبا كبيرا من الاحترام، متميزا في قلوب من حوله، محققا لنفسه القناعة الداخلية والسعادة لنفسه ولمن حوله.
القناعة كلمة يصغر كتابتها، ولكن تتسع في معناها وتفسيرها لتصبح القناعة كنزا لا يفنى، فالكنز هنا صفات كريمة تعرب عن عزة النفس وشرف الوجدان، وكرم الأخلاق، ولو قنع الناس جميعاً لما حدث بينهم حقد، أو حسد أو أي عداء؛ لأن الأنفس ستصبح صافية قانعة بما تملك، راضية بما قسم الله لها ولغيرها، فكل إنسان قنع بما قسمه الله له ولغيره، فهو من أغنى الناس، ومن هنا يستوقفنا شيئان: كيف تصبح القناعة دليل الأمانة ؟ وهل يوجد تعارض بين القناعة والطموح ؟
القـناعة دليل الأمانة، فلا ينظر أحد إلى ما يملكه غيره، وليكن راضيا بما يملكه، وكذلك يكون على قناعة تامة أن صفة القناعة حجبت عنه الكثير من الصفات السيئة التي تحركها الأنفس الشيطانية، وهو حب أخذ ما يملكه غيره ، أو تمني زوال النعم من غيره، وأن يضع دائما أمام عينه هذه الآية الكريمة ( وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى) الضحى الآية 5.
فيولد بداخله الأمانة والرضى بما يملك والقناعة التامة والإيمان أن الله سيرزقه بما يستحقه.
والقناعة في الجانب المادي تعني الرضا بما رزقه الله تعالى وقسمه لك ولو كان قليلاً، وعدم التطلع إلى مال لا يحق لك سواء كان قليلا أو كثيرا، فكل من نقم على حاله، وتطلع إلى الكثير؛ فإنه عز القناعة، ووقع في وحل الطمع، وقاده هذا إلى مساوئ الأخلاق وارتكاب المنكرات، فمعظم المشاهد التي نعيشها من جرائم الاستيلاء على الأموال سواء كانت جرائم ميراث أو سرقات أو احتيال على غيرنا، الدافع في هذا هو الطمع دون النظر إلى أي عواقب مترتبة على هذا؛ ولذلك فإن النصح الدائم والإرشاد بالاكتفاء بالحلال والإصرار عليه والقناعة بما قسم الله لك تكون السبب ومصدر السعادة والاستقرار في الدنيا والفوز بالآخرة.
وإذا تحدثنا عن القناعة أتتعارض مع الطموح؟ فتكون الإجابة لا تتعارض أبداً مع الطموح، بل إن القناعة هي الأمان لتحقيق الطموح؛ لأنك تكون علي علم بأنك بذلت ما في وسعك لتحقيق ما تريد من طموح وهدف، فإن وصلت إلي ما تريد فقد دفعتك قناعتك إلي أن تفعل ما وسعك لتحقيق طموحك، وإن لم يتحقق فتصبح راضياً لا ساخطاً مقتنعا أنك لم تقصر في يوم ما؛ لأنك بذلت الكثير والكثير، ولكن لم يتحقق، وتأخذك قناعتك إلى أن منع تحقيق هذا الطموح فيه خير أيضا على الرغم من المحاولة، وقمت بالسعي، فليس كل ما نسعي له محققا، ولكن يكفي شرفا قناعة أنك قمت بالمحاولة والسعي، فما يسعنا هنا غير أن نلخص ما تطرقنا إليه عن القناعة في أنه إذا طلبت العز فاطلبه بالطاعة، وإذا أردت الغنى فاطلبه بالقاعة، فمن أطاع الله عز نصره ومن لزم القناعة زال فقره.