تراشق الهمس والهلوسة
شريفة بنت راشد القطيطية
ملامحك تأتي من عروبة، واتنفسك كما لو أنك أول العاشقين، تخترع براعم معترفة باللهفة والوله والرعشة والترقب، والمستجد لديك رايات مرفوعة بالوجد والشوق، كلما تبعد أشتاق إليك، وكلما تتوضأ للصلاة أتهجدك وأتعبّد لله بسلام وراحة، أترقب أنفاسك، كما لم أشعر بإيمانية وجلة بوقت ازدحام النفحات بليلة أمل، والمقصد أن تدخل بكل ثبات بوتقتك الجديدة وسماؤك المشتدة بندم، وتماثيل المرايا دعها لوقت استسلام لتجدد شعور بين الغبار وأرشيف النبضات، لم أخبر أحدًا بتراشق الهمس بين كلمات يتيمة عادت معتلة من الشوق وأفسدتك وجهًا لوجه.
تتركك ثقتك بين أحضاني وأنت تعلم جيدًا ستكون بخير معي وستنهل من شغفي وحناني عليك، تعرف جيدًا متى تتقسم الأشواق وأنت تأخذ النصيب الأكبر، وتملأ شفتيك من ولهي وتعبر جداول العمق لتسكن أجمل الغرف هناك، وتغفو بكل ألق وأنت متأكد من سلامة نبضك معي، وعفوي الكريم يتخذ من حبك جدارًا أتكيء عليه وقت وله. ولو كنت في نصف الكرة الأرضية يأتي حبك متمردًا مهما يتعامل مع النسيان بقسوة ويعذب البعد ويترك مسافة بينه وبين الهجران ويقترب دون أن يشعر ليملأ قلبي بأنفاسه ويغرق هو في وجداني.
تصنع من أنفاسك وولهك وتنهداتك وحبك صخور كثيرة وترصها فوق بعضها البعض، وتأتي بقلبك ذلك المجرى المائي بين تلك الصخور، أتعلم كم هو منظر فائق الروعة ولكني لا أستلذه ولن تجبرني على البقاء فيه إلا آهاتك التي تنادي همسي الجميل لقربك وتحملك وقساوة أرضك ونعومة مائك المتدفق من مجرى شغفك بي، أتعلم كم حاولت نسيانك وكم تحديت صلابتك وغطرستك، وفي كل مرة كنت آثرك على نفسي وأطمئن الروح التي سكنتني بأفضل إقامة.
سآخذك بعيدًا جدًا لتشتم رائحة الهجر، وسأعلقك من أعمق نقطة تشعرك بالتفوق علي، وسأغلق عليك متاهاتي ودروبي المتشابكة، وسأدخلك شراستي واقتص من شاكلتك بك، سأوقع بدمي ودموعي أن كل وقت مر علي قاسيًا سينتحر، وأن كل همس همسته لك ولم يصل سيرقد في مقاعد الهلوسة وسيترحم على ذكراك قلبي، وقتها ستعلم كيف تشتاق لراحل أعمق جرح روحك وعاملك معاملة الخائنين، وسأجعلك تقتل أشواقك بين ذراعي وأنت في غاية السعادة، وستشكرني على إعادتك مغتربًا وتبحث عن وطن.