أيها الرائعون…
بقلم : مياء الصوافية
رائعون أنتم؛ تختبئون في أفكارنا، تبحثون عن أمانينا العاجزة القابعة وراء أول خطوة في الظهور؛ للفرار من ظلمة المستحيل، تتسللون في ملامح وجوهنا، وإشعاعات كلماتنا، ولهثات تطلعاتنا ونحن في خطى الإقدام والإحجام، حين الأمنيات تدير أعينها بحثًا عن ثقب نور عاش في قلوبنا، فتعرفون أمانينا من صورها المكلومة، من طريقها البعيد الذي رسمناه لها.. لنراها بعونكم تنغمس في عطائكم شعلة في أيدينا، وأمنية حية تبتسم عيونها لنا ابتسامة العطاء الصادق… شكرًا… لمن يعرفون ما نريد من قبل أن نتلفظ برغباتنا في دوامة الكلام التي تهاجر عن نشوة المجاملات المؤقتة؛ لنراها ثمارًا حية نعتصر معسول طيبها من خلايا العواطف النابضة، ونعاينها حية روتها سواقيكم أيها الرائعون!
نتكىء على ظلمة الوحدة، متوشحين رداء الصمت، نستظل بظلال السكينة.. لكنكم تعتزمون البحث عنا… فإذًا محياكم فيض من كرم، ورباط من وفاء، وعناق من أخوة.
أنتم الرائعون تقودوننا إلى دروب زرعتم فيها ظلال خوفكم علينا، وأنبتم على ضفتيها عروش إيثاركم، وزكيتموها بطيب عبيركم.
أيها الرائعون، توقدت هممكم المشتعلة بين جوانحكم؛ فخر الكسل صريعًا ينثر خيباته ويمد يد وداعه.
أيها الرائعون، تنفست أرواحكم ترابًا غذاه جهد أجدادكم؛ فكان عملكم إخلاصًا، وطموحكم أنفاسًا تضوعت بأصالة رعيلكم حبًا للأرض المعطاء، وللوطن العزيز.
أيها الرائعون، مددتم للجوار ألف جسر فسارت على ضفتيه مراكب الألفة عرفانًا ووفاء.. وسبحنا في بحر وفائكم لأننا موقنون بأن النجاة بعد الله (تعالى) هو لطف قلوبكم وغوث مروءتكم وسلام عهدكم.
حملتم الأمانة على محمل الإيمان؛ فتضاعف الميزان فما أنتم إلا إخلاص يعمل، ويد تكرم، وعين تحرس كل غال ونفيس على ثرى الوطن الغالي.
ترفرف ألوان راية الوطن خفاقة في ذرى المجد فما عزها إلا أنتم أيها الرائعون؛ فأنتم خير خلف سار على رسم سلف، أصالتهم تلتحم بكل ذرة فيكم أيها الرائعون؛ فمن أجل هذا كان الوطن عزيزًا معززًا كريمًا مكرما.
أيها الرائعون، أدركتم ما وراء أحلامنا؛ فعرفتم ما هي إلا تحليقًا نحو الآفاق السامية والمقاصد الإنسانية؛ فبسطتم لنا أشرعة الإبحار لعوالم الآمال فتلقيتم معنا كأس الفوز في سباق أحلامنا.
لله دركم أيها الرائعون! وأنتم تحملون لتراب الوطن بذور الخير، وتغذونها بتفانيكم الطويل، وبلطف تربيتكم التي هذّبها الدين؛ فخرج من بين أيديكم جيل للغد؛ معدًا برباطة جأشكم، وحسن نظرتكم، وتلاحم أياديكم، وحلم أناتكم، وسمو تقاكم.
رائعون أنتم وقد تساوى في نظركم الأصل الترابي؛ فلا غرور طار بكم إلى كبر التطاول، ولا ترفعًا عن بني جنسكم، فالأصل في منظوركم واحد، والتربة التي غذتكم غذتهم، والعودة إلى الله واحدة.
رائعون أنتم وهواء الصباح يضفي حماسًا على عزائمكم، ويبث نشاطًا في أجسادكم، وفؤوس السعي تشد على همم أياديكم.. فتزرعون على أرض أوطانكم مسعى طموحكم، وضمير وفائكم لها.
رائعون أنتم وأنتم مصطفون في صلوات تقاكم ممتثلين
نور إيمانكم، والسكينة تبعث أنوارها من عمق قلوبكم، ومن تذلل خشوعكم؛ فتتدثرون بها شموسًا من دين، وإيمانًا من صدق.. رائعون أنتم وجباهكم صافحت فجر رباطكم مع ربكم، ومشيتم إلى المساجد وهواء المجاهدة ينعش صدوركم، وخطواتكم المؤمنة يربى بها ميزانكم.
رائعون أنتم حين تحملون عقولكم إلى سبل العلم؛ تنقادون إليها قلبًا وفكرًا همة وسعيا، حاملين على عواتقكم مساعي الأمل، وعلى كل درب سرتم عليها لَبِنَةُ لبناء أوطانكم.
رائعون أنتم وقد امتدت مساحات قلوبكم؛ فلا ضجر تضيق به نفوسكم، ولا سيء خلق رددتم له صاع تعامله معكم؛ لأنكم تنشدون للسلام ألف معنى وللمحبة جسرًا من وداد، تتلاحمون مع الغير دفئًا وإخلاصا، وتقيمون للجوار رباطًا من احترام، وقداسة من كرامة.
رائعون أنتم، ونحن رائعون إن سرنا على دربكم واقتدينا بكم قدوة حيّة، وتآلفنا معكم تآلفًا من إخاء أبدي.