بضع سطور في المماطلة
بقلم: محمد بن سالم الجهوري
إدارة وتنظيم الوقت وتحديد الأولويات يشكل قيمة هامة في مسارات الحياة التي تنسجها محددات الأفكار، فكل دقيقة تمرُ لها أثرها، والدقة في تحديد الزمن وتصنيف المواعيد من ركائز النجاح وتحقيق المكاسب، وهو ما ينسجم مع تسيير الأعمال وفق جداول وخطط محددة، بعكس ما يقع في العديد من المؤسسات، أو على الصعيد الشخصي للأفراد من تسويف للأعمال والمعاملات أو المواعيد، تأجيلاً أو تهربًا في غير دراية بعواقب هذا الفعل على صاحب العلاقة.
لعل البعض يتخذ هذا الأسلوب في حياته الخاصة من باب التأجيل أو عدم الاهتمام بقيمة الوقت لديه، أو نتاج قلق ينتابه عند الإقدام على هدف ما، أو عمل أو منفعة معينة التي تتفاوت معها أسباب توجه الفرد في تسويف أعماله الخاصة، ويمكن لهُ أن يتخطى ذلك بإعادة ترتيب أوراقه وصياغة فكره، ورفع دافعية إقدامه للمهام تحفيزًا وتنظيمًا. كما أنها قد تقع بين شخص وآخر يماطل إحداهما الآخر في مطالبة ما أو عمل، مما قد يوقع الخصومة بينهم لعدم إلتزام الطرف الأول بما جاء به للطرف الثاني.
ما يهمنا في هذا الجانب عندما تتخطى درجة الفعل المحيط الذاتي وتتجاوزه إلى المحيط المجتمعي، والذي يتبعهُ بعض الأفراد أو تنتهجه بعض المؤسسات على حساب الآخر ووقته وحاجته. حيث أن مماطلة أعمال الناس أو تأخير احتياجاتهم له عواقب قد لا يتخيلها القائم على أسلوب المماطلة في المؤسسة أو الجهة المعنية؛ فهو يتجاوز نتائج هذا الفعل وقد لا تهمهُ، اعتقادًا منه بأنه وضع حلاً مؤقتًا ويعقبه أسلوب مماثل دون أدنى اعتبار للمعني بالأمر ووقته وحاجته وخسارته.
شكلت هذه الطريقة منفذًا ومعبرًا لتفادي المواقف مع صاحب العلاقة أو الشأن، والأمر من ذلك تكرار الطريقة وكأنها وسيلة للتقاعس والتخلص والتهرب المؤقت من الالتزام بالقيام بالمهام أو إرجاع ما كان لغيره، الذي يسبب للمعني بالأمر الكثير من المشكلات أهمها فقدان وقته وجهده وماله في مراجعات واتصالات لم تخرج بشيء سوى بحجج وأعذار يعاد تكرراها بين لحظة ولحظة، معطلة بذلك ما كان مرسومًا ومخططًا له.
لا شك أن هذه المماطلة تؤدي لتراكم المعاملات والأعمال، وكان الأولى بها أن تكون منهية وفق جدول زمني محدد في أي مراجعة أو مطالبة يتقدم بها فرد لدى أي مؤسسة أو جهة كانت، الأعذار الواهية والحجج المتكررة من أجل تمشية الأمر موقتًا لا تعط علاجًا وحلاً للمهام التراكمية في أعمال الناس؛ لهذا من الجميل جدًا أن تكون المؤسسة أو الجهة في أي قطاع كان قادرة على الموائمة بين المهمة والوقت المحدد وفق رؤى وخطط منسجمة مع السهولة والتيسير في إنهاء الإجراءات وسرعة تنفيذها.