2024
Adsense
قصص وروايات

عاشق الممشى والياسمين ..

شريفة بنت راشد القطيطية

كان تعبا من ملاحقة الحياة، عاود الإتصال بالزمن وتحولت لحظاته إلى عرقلة للقلب، نسي أن يبحث عن دقاته بين عشرات الخفقات وهو منهك بين حفر ووتر، كان يمارس حياته بالمسطرة والقلم ويعد فراشه مبكرًا، ولا أهمية لما يدور حول البيت من أنوار وممشى، تعوّد أن يقضي بعض الوقت على ذلك الممشى إذا شعر بالضجر، ذات يوم أقفل على نفسه باب غرفته ليعد لنفسه بعض المزاج المفرح بين الكلمات والقوافي، جاءته همسة من عبق جميل موثق من عدد زوجي مبدع أوله ضعف الثاني والثاني نصف أوله، ترك بصمته عليها وظل يدقق في اختيارات يراها للمرة الأولى.

تعودت عيناه المورقتان بالأمل أن تسافر مع كل غيث يمر، وتتوسد أنامله لحظات دهشة تخاطب سبعين رقصة في القلب، حين يفكر يضحك الوقت، وحين يضحك يحتار في حسنه الدلال ولا يترفع على كلمة ولا يمارس إلا حقائقه المحفزة لمباشرة التقدم.

كان يعمل في حقول القمر ويجاهد من أجل العيش، له يوم مبارك لجمعته المقدسة بين ثنايا الشعور، يتمرن بين نافورة ماء ولجين ولا ينقصه إلا عود ثقاب يشغل به الغيم للإحتفال، وكثير الألق والإنتماء لعرش ملكيته الذاتية الحسن، هو لا يشبه شيء ومتفرد في القيادة والعنفوان، يهمس للبحر متى يزرق ومتى يعود بالنوارس للسمو ومتى يقفل على أدراجه خططه المؤثرة بالمساء الذي يعود منهكًا بقطار قديم، يتعارك مع المساء رغم تعبه لينثر غبار الوهن من عبارات ليس لها مستقبل في الأهمية والإبتذال، ولا يسأل كثيرًا متى يأتي الصباح!

في أحلامه تترجم الأساطير وتأخذ مسارًا آخر وينحني بكل قداسة، هو وسيم لدرجة أن الوسامة خلقت من أجله، مزركش هدوءه يفصل بين العنف والرقة ولديه عامين من الوتادة يتحكم بحل الأوامر ومناشدة الصفو، يعلق تعبه كل مساء على ذلك الممشى ويعود للياسمين يرويه عشقًا وينام قليلًا تحت القمر استرخاءً، ويفكر كيف يعود في الصباح لمعالجة الكلمات من وجع ما، ذلك الساحر يسحب من حياتك الضجر ويفترش لك عناقيد الغيم ويطعمك ملاذًا خاصًا لا يشبه أي غيم، يسافر بك في ثواني لمدينة العشق والهيام، ويرجعك باسم الخدين، هو وحيد بين ثائريين متمردين يطلبان العون ويتعوذان من البعد، هما في ورطة وهو يفكر كيف يفك قيدهما وأنامله ترتعش إذا ما تحكم بالوقت، ووجههما الراجي للعفو يتحايل بنظرة شوق تحول المساء إلى معابد آمنة للمصلين، غافر للذنب إذا ما وجد السبيل حول هالة قمر تستدير حوله لحمايته من غزو النجوم، قاهر للحزن إذا تجرأ من إقتراب مملكته.

باسم طفولي حين يشرح ما خفق له القلب وعائد من معركة تحدي منتصرًا بالأشواق، لا يذبل ولا يخذل أحدًا لأنه كالورد يعطيك العطر، كالسماء الواعدة بالغفران.. كالوطن الحر يتركك آمنًا أينما كنت.. كالربيع يزهر في قلبك الأمل، كالروح توهبك التمسك بالحياة، هو يأخذ منك الذبول يسحقه بكبرياء الصمت ويخلفه لك بالرقي وقت الكلام، يعود لمسائه ككل ليلة، يغمض عينيه في أمان وعلى جبينه رغبة عنفوان أن تشرق الشمس من هذا الجبين لتعم ملامح سعد لكونه الخاص، عاشق في صمت بأجمل تعبير.. باحث عن ما يجبر سواعد العزلة، ومرابط جيد تحت سطوة ميراث لغوي من أسياد الحروف، لن يتنازل عن عهد قطعه على نفسه، السعادة ركن أساسي لمواجهة التحديات، ليكن ذلك القلب المرجو لبقاء أجمل.. هو يعرف جيدًا متى يوقع على فرحك أن يستمر.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights