تحتفل صحيفة النبأ الإلكترونية بالسنة السادسة لتأسيسها
Adsense
مقالات صحفية

رَســائـِـل فُـــؤَاد_ ج_١٠_بين الحياة والمَـمات

فؤاد آلبوسعيدي

أحياناً، بعض الأمور في حياتك يجب أن تضع لها قوانين تُسيّر من خلالها علاقاتك مع الآخرين، دون أن تسبّب لمن تتواصل معهم (بغضّ النّظر عن علاقتهم بك) الضرّر والسّوء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؛ إحدى المبادئ التي قد تجنّبك الإضرار بالآخرين، هو أن لا تجبرهم ولا تؤثّر في قرارهم عندما يتعلّق الأمر بالمشاعر، سواءٌ أكانت مشاعر الحبّ أو مشاعر الكراهية؛ عندما تكره أحدهم عليك أن لا تجبر النّاس من حولك بطريقة مباشرة أو بأيّ أسلوب آخر غير مباشر في أن يكرهوا الشخص ذاته الذي تُكنّ له مشاعر الكراهية؛ عليك أن لا تحرّضهم ولا تجبرهم أن يقوموا بالإضرار بشخص آخر أنت قد قمت بالإضرار به…إلخ.

أنت لديك أسبابك الخاصة بك لتكره وتحبّ من تشاء من النّاس، فلذلك أترك للآخرين الفرصة ليحكموا بأنفسهم على كلّ الأشخاص الذين تتعامل معهم، والذين لم تعد أنت تطيق البقاء ضمن حدودهم.

المختصر:
عدوّ صديقي ليس بالضّرورة أن يكون أيضاً عدوّي.

يتوقّع البعض بأنْ جميع الأمور والجوانب في حياته سواءً تلك العملية أو الاجتماعية أو شؤونه المالية ستكون سلسلة وسهلة وليس فيها أيّة صعوبات أو منغصّات تعيقه وتمنعه من تحقيق ما يريد؛ ينسى البعض بأنّ ما كلّ ما يتمنّاه يدركه، وينسى كذلك أحياناً بأنّ سفينته قد تجري دون أن يدرك مسارات الرّياح ولا ضربات الأمواج الهائجة. في الحياة عليك أن تدرك بأنّ هنالك بعضاً من المعادلات التي تتعلّق بشؤونك قد تقابلك وسيصعب عليك إيجاد الحلول الموفّقة لها، عليك أن تعلم بأنّه لن يسهل عليك القيام بكل الأمور كما تريد وتتمنّى؛ عليك أن تفهم بأنّ بعض ما ترسمه لحياتك لن يحدث كما تخطّط أو مثلما وكيفما تبتغي، شؤونك وشؤون الحياة لها شروط عليك إنجازها ومسببات عليك السّعي إليها.

أحياناً…
قد يتطلّب منك إرتجالاً من أجل إنجاح وإنجاز ما تريد.
قد يتطلب منك استسلاماً لما هو واقع والعيش بقية حياتك دون تحقيق ما تريد.

نعيش ونحن نبحث عن السّعادة الحقيقية، على الرّغم من أنّنا قد نكون محاطين دون أن نعي بالكثير من الأمور التي قد تكون فيها مشاهد السّعادة لغيرنا؛ قد لا نشعر بذلك ونظلّ نبحث عن السّعادة في بقيّة سنوات حياتنا لأنّنا لم نعي أبداً معنى (القناعة كنز ٌ لا يُفنى).
لتعلم وأنت تبحث من هنا ومن هناك بأنّه لا وجود لشيء قد يحمل وصف ومعنى السعادة الخالدة -أي الأبدية-، الحياة التي نعيشها هي أشبه بأمواج البحر؛ لا يستطيع الإنسان أن يخمًن ما سيحدث بعد كلّ موجة تواجهه.

أفضل ما يمكن عمله هو العيش وأنت متوقّع حدوث كلّ الأمور، السعيدة منها والتعيسة أو المحزنة كذلك؛ وبالمختصر، ثابر واجتهد ولكن لا تنسى أن تكون قنوعاً.

عليك أن تعلم بأنّ الحياة ستمنحك الكثير من المكاسب التي ستفرحك إلى الحدّ الذي تشعر فيه بوصولك إلى نشوة الانتصار العظيمة واللّامنتهية؛ وهي كذلك (أيّ حياتك) ستضعفك أحياناً وقد تجعلك تخسر الكثير من الأمور التي سيؤلمك فقدانها وذهابها عنك أو ربّما عند وصولك إليها كما كنت تبتغي؛ قد تخسر وتفقد الكثير، ولكن عليك أن تعلم بأنّ أعظم الخسائر وأكبرها التي قد تسبّب لك الأذى والحسرة والألم هي خسارة الناس الذّين تجمعك معهم الكثير من الشّؤون؛ إنّ خسارة الأحباب وقعها أليم وشديد لا يشعر به سوى من كان يتضرع ويرفع يديه داعياً ربّه أن يحفظ كلّ من يحبّهم وكلّ أولئك الذّين يبادلونه بالمشاعر الطَّيبة والصّادقة.

الأمر الغريب الذي قد نلاحظه أحياناً هو أن لا يكون عظمة ألم الخسارة فقط في فقد الأحباب؛ كذلك نحن قد نشعر بهـيـبة الفقد والخسارة عندما يغادر الحياة من لم نطيقهم بسبب أفعالهم القاسية معنا.

أحياناً ونحن نرى اختلالاً في المشاعر بين هذا وذاك، بين الإخوة وبعضهم البعض، بين أفراد الأقارب والأرحام، بين من كانوا أصدقاء، ورفقاء، الذين أضحوا بين ليلة وضحاها في حالات من الخصام حتى باتوا كألدّ الأعداء؛ ينبغي أن نقول لهم: ترفّقوا في مشاعركم تجاه الآخرين؛ فالبعض من بعض الآخرين قد يغادر هذه الحياة ولن تراهم بعد هذه اللّحظة أبداً.

عندما تحبّ، إمنح من تحبّ أقصى درجات الحبّ التي يمكن أن تصل إليها لكي يشعر بك من تحبّه؛ وعندما تكره شخصاً ما، فمن الواجب عليك أن تترك في قلبك مساحة صغيرة للعفو والمسامحة.

يوجد تساؤل عند البعض:
ما هو الإرث الذي قد يودّ أن يتركوه للآخرين في يومٍ ما؟ يتساءل البعض عن ماهيّة الميراث الذي سيتركه لأهل بيته في المستقبل؟
يتذمّر البعض عندما يكون نصيب الميراث الذي يُترك له من بعد وفاة أحد الوالدين قليلاً أو ربما لا شيء.

الإرث أو الميراث الذي يتركه لك الآخرون، والغالبية عندما تتحدث إليهم عن ذلك سيذهب تفكيرهم مباشرة إلى الأموال والماديات المختلفة، نظرة مختلفة إلى معنى الإرث سيكون له الأثر في تغيير مفهومها حول ذلك، فإنه ليس بالضرورة أن يكون الإرث هو مبلغٌ كبير من الأموال أو حتى حفنة قليلة من بعض الدّراهم التي تؤول إليك، فتلك الماديات رغم أنّها قد تثريك وتغيّر حياتك، إلاّ أنّك إن لم تقم بالمحافظة عليها واستثمارها بطريقة جيدة ومفيدة، ستراها تنقص منك يوماً بعد يوم، إلى أن تصل إلى اليوم الذي تجد نفسك فيه وقد بتّ لا تملك مما ورثته من مالٍ وحلالٍ شيئاً.

أعظم إرث قد يتركه لك أحدهم هو عندما تلامسك تلك اللحظات التي تشاهد فيها وتشعر معها بامتداد محبّة النّاس، واستمراريتها، على الرّغم من مغادرة ومفارقة أحد الوالدين الحياة الدّنيا.

لذلك قُل الحمدلله دائماً عندما تشعر بكل من حولك يسأل عن أحوالك ويبحث عنك عندما يقلّ حضورك وينقطع تواصلك؛ قم بتقوية تلك العلاقة الحسيّة مع كلّ أولئك الذين لم ينقطع ودادهم ولا احترامهم لك، الذي ما كان سيظهر سوى بسبب انعكاس علاقة والديك معهم؛ عندما تشعر بقوّتك في وجود الآخرين حولك، الذين كانوا كذلك مع والديك أو مع أجدادك، قم بكلّ ما تستطيع القيام به من أجل المحافظة على محبّتهم واستمرارية علاقة الودّ والحبّ معهم، وتذكّر بأنّ هذه المشاعر قد تكون هي أكبر وأعظم إرثٍ تركه أحد الوالدين لك بعد وفاتهما.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights