حاسبني قبل أن تُحَاسَب
علياء الحنشي
مالي أراك غافلاً عن محاسبتي، تاركاً الأمر لي؟
ما تمنيت شيئاً إلا وسارعت لتحقيقه قبل أن تفكر؛ هل سيحقق سعادتي الأبدية أم سيرميني في التهلكة؟!
لا تقل إني أحبك، ولا أريد أن أرد لك طلباً، عذراً فما هكذا تكون المحبة، فالمحب يخاف على من أحب أن يصيبه شيئاً يؤذيه، وأنت بتصرفك هذا تؤذيني، وتلقي بي في التهلكة.
استفق من غفلتك، وخذ بيدي إلى بر الأمان قبل أن أغرق في وحل المعاصي فما زال في الوقت متسعا.
فإن رأيتني حدت عن طريق الحق فأعدني إليه، وقل لي يا نفس عودي لصوابك، ولا تتبعي هواك فتهلكي، فأنا أرغب في أشياء كثيرة لا تنتهي ما دمت على قيد الحياة، وكما قال البوصيري:
والنفسُ كالطفلِ إن تهملهُ شَبَّ على حُبِّ الرَّضاعِ وإنْ تَفْطِمْهُ يَنْفَطِم
فاصرفْ هواها وحاذرْ أنْ تُوَلِّيَهُ
إنَّ الهوى ما تولَّى يُصمِ أوْ يَصمِ
وَراعِها وهيَ في الأعمالِ سائِمة ٌ
وإنْ هِيَ اسْتَحْلَتِ المَرْعَى فلا تُسِم
كَمْ حَسَّنَتْ لَذَّة ٍ لِلْمَرءِ قاتِلَةٍ
من حيثُ لم يدرِ أنَّ السُّمَّ في الدَّسَمِ
ففكر بعقل وهبك الله إياه قبل أن تقدم على القيام بشئ تمنيته وتمعن فيه؛ فهل سيرفعك في أعالي الجنان أم سيهوي بك في في قعر جهنم والعياذ بالله؟ ولا تجعل يومك يمضي دون أن تحاسبني؛ فإنك مسؤول عني فحاسبني قبل أن تُحَاسَب.