وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ
إسحاق الحارثي
نقف قليلاً ونتأمل الأيام القريبة الماضية التي مرت بها البلد، وتحديدا الأيام التي تعرضت لها أجواء سلطنة عمان لمنخفض (المونسون) في غضون ( ٥ أيام) ما بين ( ٧ ـ ١٢) يوليو الجاري، وما طالعتنا به الأخبار المتناقلة ومقاطع الفيديو التي وثقت تلك الحالات اللا مسؤولة والعبثية بهذه الظاهرة من قبل بعضهم بقصد أو بدون قصد، وما صاحبها من نزف عدد كبير في الأرواح ما بين غريق ومفقود، والتي بلغ عددها (١٦) حالة وفاة، ومن بينهم (٦) أطفال رحمة الله تعالى عليهم جميعاً، فيما لا تزال هناك حالات فقدان يتم البحث عنها.
سيناريو متكرر
يتكرر هذا المشهد مع كل فرحة مطر لينقلب إلى مأساة كآبة وحزن مشكّلة الأعباء الكثيرة والكبيرة على الجهات المختصة في هذا الجانب، إضافة إلى الفقدان الجلل لدى الأسر التي تعرضت لهذا الخَطب، والتي تتحمل جزءا من المسؤولية من حيث الإسهام في عدم الحزم وضبط أبنائها ومراقبتهم في الالتزام بالتعليمات التي تصدرها وتطالعنا بها الجهات المسؤولة من خلال البيانات والإعلانات والتحذيرات بشكل يومي، وأحياناً بشكل نصف يومي، والتي -بدون شك- تصل للجميع، وتنتشر بسرعة البرق من خلال مختلف وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، والوسيلة التي يحبذها ويتابعها معاشر التواصل الاجتماعي الإلكتروني.
عِيدٌ بِأَيَّةِ حَالٍ عُدْتَ يَا عِيدُ
من سوء الطالع أن يصادف منخفض (المونسون) في أيام عيد الأضحى المبارك ١٤٤٣هـ الأيام التي تكون أيام إجازة وفرحة وملتقى ومتنفسا للأسر، وفيها تكثر زيارات الأماكن السياحية والترفيهية في مختلف الوجهات بسلطة عمان، وقد شهدت إجازة عيد الأضحى المبارك تدفق السواح والزوار منها وخارجها؛ بغية الاستمتاع بالأجواء الجميلة وقضاء إجازة سعيدة، إلا أن ما صاحب تلك الفترة تجاوز الحدود؛ مما اضطر الجهات المختصة والمعنية في إغلاق معظم تلك الوجهات والمزارات السياحية، كالأودية والعيون وأماكن تساقط الشلالات المائية في معظم ولايات سلطنة عمان سيما محافظة ظفار؛ وذلك حفاظاً على عدم فقدان المزيد من الأروح.
هل من مجيب؟!
نناشد جميع الأسر التعاون مع كل ما يتم الإعلان عنه من قبل الجهات المختصة في هذا الجانب، وعن كل ما يصدر رسمياً في مثل هذه الظروف، وعدم التهور والانحراف عن الأنظمة والقوانين والانجراف نحو رغبات ولحظات لا يُحمد عقباها، والتي تعود عواقبها على الجميع.
الشعور والإحساس بالمسؤولية
علينا أن ندرك ونعي أن حرمان الكل من الاستمتاع بتلك اللحظات لا يكون بيد أسرة لا مبالية وغير مسؤولة عن تصرفات أفرادها، فما ذنب الآخرين من هذه التصرفات التي تنتج من أفراد أرادوا أن يلقوا بأنفسهم وأرواحهم للتهلكة وسط مرأى أهلهم وأسرهم وناظريهم لأجل توثيق مشهد يتفاخرون به أمام الآخرين في دخول وادٍ بمركبة أو السباحة في وادٍ جارف أو صعود قمة جبل أو الاقتراب من شواطئ البحر في ظل الأمواج العاتية التي لا يقاومها أحد؟!