علي الوردي وملحمة البطولات العمانية
سُليمان بن حمد العامري
نعم إنها (بُهلا) منبع التاريخ ومصنع الرجال.
بُهلا التي تمتاز بتاريخها العريق منذ الأزل، ومن عصر ما قبل الإسلام.
ومن دلائل الثبوت على صفحات التاريخ “القلعة” التي تشهد على أقوال عشّاقها وساكنيها، والتي أخرجت من أرضها نباتاً حسناً من العلماء الأجلّاء، والذين أصبحوا من دعاة الأمّة، وممن يُقتدى بنهجهم ويُحتذى بإرثهم، وعلى رأسهم الشيخ العلّامة أحمد بن حمد الخليلي.
واليوم، يسجل التاريخ ليخرج لنا بطلاً منها، فارساً مغواراً لا تعصفه الريح ولا يثقله الرمل ولا يغرقه الماء، ليخرج من بيته بعد الغيث ليلتقط صوراً تذكارية له ولأبيه وأخيه في الأجواء الممطرة الخلّابة التي تزدان بها الأرض ليبرز السكون الساحر للمكان بعد المطر ساحراً متناغماً مع أصوات الطيور المتنوعة، وما بين هذا المنظر، اعتلى المشهد صوت طغى على المشهد السماعي من خلال صرخات أشخاص يستنجدون إنقاذهم من الموت بعد أن أوشكت مياه الشعاب أن تغرقهم بعد أن ملأت دموع الخوف محاجر أعينهم، وسرعان ما نزلت رحمة اللطيف الخبير، فرآهم البطل الشجاع الذي غامر دون تردد مودعاً أباه وأخاه، وبحبل الوصال متمسكاً بهم، وقلبه ينادي لأبناء بلدته صارخاً:
أنا قادم إليكم فاصبروا، وتعالت أصوات الجماهير، وارتفع النداء لرب العباد، متّحدين بدعاء عظيم بأن يتم إنقاذهم من الغرق، وتمكّن من إنقاذهم ببطولة هذا البطل الوطني الكبير.
هذه ملحمة تعكس بطولات أبناء هذا الوطن، وهذا ما عهدناه عند شبابنا العماني.
نعم إنه البطل “علي الوردي” الذي خاض الصعاب وتجاوز الخطر وأنقذ المحتجزين، وهو يوظف دلالة ومعاني الآية العظيمة بقول الله تعالى:
((ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا)) سورة المائدة الاية ٣٢.
بقدر الجمال الذي شاهدناه عندما انتشر مقطع الفيديو رأينا “علي الوردي” يغامر وسط قوة المياه الجارفة وهو يخرج من الماء ويحمل في أحضانه الأشخاص الذين أوشكوا على الغرق، والناجين من الموت، والذين لم تتجاوز أعمارهم العاشرة، كأنما يقول: سوف نحيا أو نموت سوياً، فإني متوكل على الحي القيوم، ما أجملها من لحظات سجلها تاريخ بُهلا العمانية.
شكراً لك يا ابن عمان، شكراً لك على هذه البطولة والرجولة والملحمة التي ستخلد على صفحات التاريخ وفي سجلات الإنجازات.