مع احترامي لجميع المسؤولين
سعد بن فايز المحيجري
“مع احترامي لجميع المسؤولين في وزارة التربية، وزارة التنمية، وزارة الصحة (المدرّسين)، ياليت يا ليت من تجربة شخصية لا ننتظر قرارات تطلع، لا ننتظر التدرج القاتل في الأمور”..
الكلماتُ السابقة نقلتُها من مقطع مرئي كان قد وصلني قبل أيام لصاحبة السمو الدكتورة السيدة تغريد بنت تركي آل سعيد في ندوةٍ أُقِيمتْ بعنوان “التأتأة بين العلاج الطبي والنفسي والتحفيز الاجتماعي”، وقمتُ بتعديلها بما يتوافقُ مع قواعد اللغة.
ويبدو للجميع من خلال الكلمات الاستفتاحية إلى أين يتوجه المقال، نعم أيها المسؤولون في الوزارات المذكورة، أنتم المعنيون هنا، لاسيما منكم مَنْ كان على موقعٍ فيه خدمة للآخر، وموقعه يُحتِّم عليه تقديم تلك الخدمة، وإنِّي لأعجب كل العجب مِن المسؤول الذي لا يقوم بواجبه تجاه مخدوميه، بل الأمرّ والأدهى مَن يُحاول إيقاف أو إعاقة معاملة لمُراجع، ولأسباب كثيرة تُجْهل مراميها.
عزيزي المسؤول، اتخاذُ بعض القرارات لا تحتاجُ فيه إلى الاستناد إلى قانون، وأقول: ليس كل قانون صالحاً لجميع الحالات والقضايا، بعض المواقف تتطلب ترجلاً، ومنها ما يحتاج نظرة إنسانية، وبعضها الآخر يستوجب قوة قرار، فلا يمكن الرجوعُ باستمرار إلى المسؤول الأعلى في كلِّ صغيرة وكبيرة، فالمسؤول الأعلى وضع ثقته فيك من أجل أنْ تيّسر العمل وتسيّره، وأنت صاحب الموقف وسيّده، فرب إرجاء قرار أو تُخَمَة إجراءات –نعاني منها كثيرًا- أسهم في استحداث مشكلة جديدة، أو تسبب في تشعّب المشكلة الأولى بدل حلّها.
ولكي لا يُفهم كلامي خطأ، لا أقولُ اعملوا عكس القوانين الموضوعة وخالِفوها، ولا تحترموا القوانين وعارِضوها، بل بما لا يتعارض مع المصلحةِ العامة، وبما يحققُ رضا الأطرافِ الأخرى، خاصة إنْ كان في المسألة بعدٌ إنسانيٌّ، فبعضُ الحالات تقتضي التدخّلَ السريع، فالحالةُ تستلزم التعجيل، ويضرها التأجيل، وهناك مَنْ على فراش المرض، ينتظر الموعد أيها الأطباء، ويا مَن بيدكم القرار.
ونلحظُ من حديث الدكتورة أنّها حدّدت وزارات معينة، ولو لاحظنا الوزارات المذكورة فهي تتصلُ بالصحةِ الجسدية والعقلية والمستوى المعيشي للفرد، وهذه الثلاثُ أهمُّ ما يجبُ الاعتناء به في البشر، فكلُّ واحدٍ منها يتصلُ بالآخر، فأما الصحةُ الجسديةُ فقد تعيق الإنسانَ عمّا يطمح إلى تحقيقه، وربما تلقي به في مشكلةٍ كان بالإمكان تلافيها، وأمّا الفكرية أو العقلية، فيا أيها المدرّس رُبّ كلمة تلقيها، أو تصرّف تقوم به، أو توصية تتقدّمُ بها تصنعُ ما لا تتوقعه في ذلك الطالب أو ولي الأمر، وأمّا سوءُ المستوى المعيشي فربَّما يصنعُ سارقًا، أو متعاطيًا، أو متسولًا، والحديثُ بالتأكيد ليس على إطلاقه، فقد لا يكون شيئًا من ذلك، ولكن من المؤكد أن عكس ذلك على الإطلاق، بالمعنى الذي قاله الحُطيئة:
مَنْ يَفْعَلِ الخَيرَ لا يَعْدَمْ جوازِيَهُ لا يَذْهبُ العُرْفُ بينَ اللهِ والناسِ
فيا أيها المسؤول أو الموظف أو مِمَّنْ لك عَلاقة في ذلك، لا تكنْ سببًا في تعطيل مصالح الناس، ولا تستخسر الخيرَ فيهم، ولا تُسْهِم في صناعةِ إنسانٍ مريض، ولا تكن عاجزًا عن العثور على حلٍ، ولا تبخلْ بكلمةٍ قد تغير مجرى حياةِ إنسان، ولا تضن بابتسامةٍ تأخذ أجرها، وتُسْعِدُ بها إنسانًا.
ملاحظة: من رغِبَ في الاطلاع على ندوة “التأتأة بين العلاج الطبّي والنفسي والتحفيز الاجتماعي” فهي معروضة على منصة “اليوتيوب”، بالعنوان نفسه.