سلطنة عُمان تحتفل بالعيد الوطني الرابع والخمسين المجيد المجيد
Adsense
مقالات صحفية

الإبحار بين أمواج الموروث الفني العماني فن الدان

ريحاب أبو زيد

تمتلك سلطنة عمان تراثا حضاريا وتاريخيا كبيرا، يضم موروثا فنيا وثقافيا عظيما؛ حيث يظهر في العديد من الفنون والأزياء العمانية.

صلالة البلدة الجميلة التي عشت فيها ربع قرن تقريبًا هي إحدى ولايات محافظة ظفار ومركزها، وتقع جنوب سلطنة عمان ،وفي أثناء وجودي في صلالة اكتشفت العديد من الفنون التراثية التي اشتهرت بها، وكذلك الفنون التي اشتهرت بها باقي ولايات محافظة ظفار؛مثل ولاية طاقة ومرباط وغيرها من الولايات.

فالفنون الشعبية في محافظة ظفار لها مذاق وطعم خاص مرتبط بالحضارات العظيمة التي مرت على المحافظة، وأيضًا بالتنوع السكاني والطبيعي في المحافظة، فطبيعتها تجمع بين السهل والجبل والبحر، وبين الحضر والبدو والجبال، ونتج عن هذا التنوع وجود العديد من اللهجات الفريدة؛ حيث إن التنوع الطبيعي والاجتماعي جعل محافظة ظفار تتميز بتقاليد وعادات وموروث فني وثقافي كبير، ويحرص أهلها على المحافظة على تلك الموروثات الثقافية.

إنّ الموروث الفني في محافظة ظفار متنوع؛ لأنها ظاهرة منذ القدم؛ حيث تلتقي فنون محافظة ظفار بفنون المحافظات الأخرى؛ لتجسد الفن العماني الأصيل، وتثبت أن الترابط العماني واضح للعالم بأكمله.

فمن أبرز الفنون الشعبية في محافظة ظفار ( الهبوت أو الزامل، المديما، الربوبة، القصبة أو الشرح، البرعة، المدار، طبل عربي، دان دون، لانزية، سيلام، وفنون البحر، النانـا ( عند حصاد اللبان )، الشبانية، المشعير، إلي مكبور، الدبرارت أو الدورور( غناء صناعة الفخار ) أو الدبرير، التغرود، السنارة، هبوت الجبل، الطارق، الديراز، سامعين سامعين، الوياد؛ بوباء من فنون الراعي( من فنون النساء )، والدان( الفن الجنائزي).

وفي الكلمات التالية أوضح إرثا فنيا من الموروث الفني بظفار وهو فن الدان (الفن الجنائزي) التي تشتهر به ولاية مرباط، وقد ساعدني في معرفة ذلك الفن ( الشاعر الدكتور ناصر بن طهموم البدر) المتخصص في الفنون الشعبية العمانية؛ حيث أوضح أن هذا الفن اشتهرت به ولاية مرباط وكانت بدايته عندما كان هناك رجل أسمر مملوك يدعى (ابن جندول) تمرد على سادته احتجاجًا لسوء معاملتهم وتعذيبه بكثرة الأعمال، وإهماله؛ مما نتج عن ذلك استدعاؤه لكافة أقرانه من الخدم إلى منطقة تسمى( الدمر.. بسهل مرباط في ظفار ) في سلطنة عمان، وتحدث بكلمات باللغة المهرية أو الجبالية التي يتكلم بها أغلب القانطين بظفار، وأخذ يرقص ويقفز بحركات هستيرية ويضرب بخفه الأرض تعبيرًا عن غيظه وقهره عن طريق ضرب الأرض برجله تارة، وبيده تارة أخرى، وبعد أن حفظوا أقرانه ما يفعل شاركوه الرقصة ورددوا ما قاله من كلمات جبالية غير مرتبة كشعر مقفى أو موزون دون تجانس أو سجع، وقال في حينها أكثر من لحن، وسرد كلمات يروي فيها معاناته وإعلانه التمرد وعدم الرجوع والخضوع لهؤلاء الناس الذين آذوه واستعبدوه.

وأقيمت فيما بعد هذه الطقوس إبان وفاة أحد الرؤوس الكبار، وهناك ثلاث فقط من الفئات السمرية التي يقام لهم هذا الفن بعد وفاتهم؛ وذلك لمكانتهم بين القبائل وبين أقرانهم من بني جنسهم، وبعض التي تقام لهم هذا الفن الفئات من ( الموالخ، وبني يأس، والموالدة)، كما أنهم يملكون ما يسمى (عدة الدان) وهناك أنواع من الدان مثل السياري وغيرها، وتكونت فيما بعد الرقصة من رجال ونساء على شكل صفوف، ويبدأ ذلك عقب الوفاة لأحد كبار قومهم، ويستمر الدان لمدة ثلاث أيام ويختم في اليوم الرابع ويعلن فك الحزن، وكما جرت العادة توزع إحدى قريبات المتوفى (المكحلة) أي أداة مصنوعة لوضع الكحل بها؛ لتعلن بانتهاء فترة الحداد، وقال الشاعر الدكتور ناصر بن طهموم البدر عن هذا الفن: فن الدان أو (الفن الجنائزي) كما اختار اسمه الباحثون مؤخرا، هو فن استخدمه القدامى منذ ما يقارب من مائتي سنة تقريبًا؛ حيث كانت البداية في تمرد أحد الخدم على أسياده، وعبر عن غيظه بذلك الفن الذي يقال هو أول من اخترعه أو قام به أولًا ويدعى (ابن جندول) ونزل هذا الرجل إلى الدمر ودعى أبناء جنسه وبدأ يرقص بحركات هستيرية كما بدأ بالغناء بكلمات غير مرتبة تشبه الشعر، وتطورت الرقصة إلى أن أصبحت تقام بمشاركة بين الرجال والنساء بعدة ألحان فيما بعد، وهناك فئة معينة بعينها تقوم بهذا الفن، ويقام هذا الفن لكبار الرؤوس من فئة السمر وحسب الوصية أو المكانة في قبيلته، وكما أذكر أن من بعد الدفن يرزح على القبر ويمضون بلحن أسرع يسمى السياري، حيث يكون عبارة عن المشي على الأقدام حتى بيت المتوفى، ويستمر عادة لمدة ثلاثة أيام، وفي اليوم الرابع بضرب الطبل بختام رقصة تدعى صندية مع مصاحبة الإيقاع والحركات السريعة إيذانًا بانتهاء مراسم العزاء والفن نفسه في ذلك الحين.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights