2024
Adsense
مقالات صحفية

حياتك لك وحياتهم لهم

حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة

في حياتنا اليومية وفي تعاملنا مع البشر نمر بالعديد من المواقف، وكل بني البشر يختلفون في ردود أفعالهم وإن اختلفت المواقف.

قد تتشابه الأفكار وهذا الأمر طبيعي جدا، العقل البشري ينتج آلاف الأفكار، ويرسم صورا للأحداث كل حسب مخيلته، نقوم بإنتاج سيناريوهات عديدة حينما نفكر في أمر ما، تحدثنا النفس، وهو ما يسمى بالاتصال الذاتي، ونحن أنفسنا من نصنع الوهم الذي نعتقده حقيقة.

كثير منا يختلف مع من حوله، وهذا الاختلاف طبيعي جدا، ولكن كيف يتحول هذا الاختلاف إلى خلاف؟
الإجابة كالتالي: حينما نتعرض للاختلاف مع شخص يقوم العقل ببرمجة هذا الاختلاف، ويدخل في عمق تفكير الطرف الآخر، ويتقمص شخصية من يختلف معه، ويبدأ الحوار الفكري، وقد يتأزم الأمر إذا ساء الظن، ويزداد سوءا إذا تدخلت أطراف أخرى، وقد ينتهي الأمر باختلاف كبير، وتتسع الفجوة بين الطرفين.

لماذا؟
لأن طبيعة البشر يلجأون لغيرهم لتفسير أفعال من يختلفون معه بالاستشارة وطلب الرأي، وفي غالب الأحيان الطرف الثالث قد يكون غير منصف، فيزداد الأمر سوءا، وتبدأ الأفكار في مخيلة الشخص، وهنا يتدخل “الشيطان” والعياذ بالله، ويبدأ الوسواس في بث إشارات سلبية ليفسر كل المواقف على أنها عدائية وإن كانت غير مقصودة.

هنا يتحول الاختلاف إلى خلاف، قليل من أصحاب العقول من يحاول أن يضع الحلول، ويتقبل هذا الاختلاف محاولا احتواء الموقف ليحل هذه الأزمة التي لو تطورت ستتفاقم وتبدأ إساءة الفهم.

تحدث هذه الاختلافات كثيرا بين المقربين سواء في العمل أو بين الأصدقاء، وكذلك تزيد بين زملاء العمل، وأيضا في البيت الواحد بين المرء وزوجه، وهنا نطالب بالتريث قليلا قبل إطلاق الأحكام، وألا نترك لنفوسنا الأمارة بالسوء أن تسيء الظن، وكما يقال: مقصود لم يفهم ومفهوم لم يقصد.

الحكمة مطلوبة في هذه المواقف، وكم من أمور تطورت وشاعت بين الأقارب والأصدقاء والزملاء واتسعت، وكم من تدخلات “زادت الطين بلة”!

الحياة تستمر، وعلينا أن نعيش طبيعتنا -كوننا بشرا- بحسن الظن، أردت في يوم من الأيام أن أختبر جميع من حولي الذين ما إن غابوا ومروا بظروف صحية، وكنت دائم التواصل بهم، وحينما مررت بذات الظرف أغلقت هاتفي، ولم أجدهم جميعا سوى قليل من تواصل للاطمئنان، بعدها تيقنت تماما أن من حولنا رغم كثرتنا، ولكن قليل منهم من يستحق الاهتمام، وهذا لا يعني أن أقطع علاقتي بالجميع، فالإنسان يتعامل بأخلاقه وما تربى وتعود عليه.

ما أود قوله: إن لكل منا عالمه الخاص فلا يتجاوزه، وعليه أن يعيش لنفسه فقط، وألا يهمل أولوياته من أجل غيره، وعلينا ألا نتدخل في شؤون غيرنا، وأن نحترم خصوصياتهم، فليس كل ما نراه ونظن به صحيحا فلربما يكون قد جانبنا الصواب.

الحياة جميلة بكل تفاصيلها نحن من يحافظ على جمالها، ونحن من يعكر صفوها بالأفكار وسوء الظن، فكن على ثقة تامة بأن أفكارك هي من تحدد مسارك، فلا تقحم نفسك فيما لا يعنيك.

وعليك أن تترك مسافة أمان بينك وبين الأطراف الأخرى من حولك. لا تتعلق بغيرك ولا ترتبط بحياته، فكل منا له عالمه الخاص وخط سير مختلف عن الآخر، فما يجوز لك قد لا يجوز لغيرك فانتبه! وكن حذرا أن تقع في فخ الارتباط، فحياتك لك وحياتهم لهم.

من يُردْك سيبحث عنك مهما كانت الظروف، فلا عذر ولا سبب يمنع خصوصا في ظل طفرة الاتصال الحديثة، فأحسن الظن وتعامل بأخلافك وطبيعتك الإنسانية.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights