أسمى من نطق الحروف!
ريان اليعربية
يبحث الإنسان في حياته عن طرق وأساليب تعينه في تقبل التجديد ، ويفتش عن الطرق التي يتشكل عن طريقها فكره الناضج ومن خلالها يخرج من زاوية الانغلاقية والتقليدية والمحدودية إلى زاوية عليا حيث التغيير والنمو والتطوير السليم الذي يأتي بنتائج صحيحة تصب في صالح الذات أولا ثم المجتمع بأكمله .
ويتطلب منا في هذا الزمن المتسارع والمتغيرفي كل ثانية أن نعيد النظر في الأدوات التي نمتلكها ونتساءل حول أيهم قادر على المساندة للسير على متن الحياة المتقلبة؟ وهنا أتحدث عن ما هو أهم وأرى أنه يمثل بذرة الحياة الحقيقة ألا وهي القراءة .
وفي الآونة الأخيرة ألتمست شبه إنعدام للوعي بالقراءة حيث أصحبت لمن لا يدركها حقا بمعنى اللهو والجري وراء إشباع رغبات غير سوية.
هذا إلى جانب الفهم المغلوط لمعنى الثقافة والمثقف والمنتقل بالفكر إلى حالة ضمور تقود إلى تراكمات وشوائب تحط بمنزلة العلم وتخلق سلوكيات لا تتلاءم مع حياة الانسان المعاصر.
ومن أهم أشكال الوعي القراءي المغلوط :
– إعتبار القراءة مرتبطة بقراءة المكتوب فقط إلا أنها أسمى من ذلك ، فالقراءة لا تعني أن نقرأ المكتوب فقط والدليل على ذلك ما طرحه الاستاذ أحمد الزمام في كتابه ما أنا بقار ، عند مناقشة معنى أقرأ القرآنية على أن لم ينزل الوحي على محمد صلى الله عليه وسلم بديباج أو قرطاس إلا أنه نزله على قلبه فكان يحفظه منقول شفهيا غير مكتوب والاية رقم ٧ من سورة الانعام أكبر دليل على ذلك .
والقراءة الصوتية عند المكفوفين لا تعني قراءة مكتوب بل مسموع أيضا وعليه يتوجب منا عدم ربط القراءة بالمكتوب فقط بل هي أكثر اتساعا.
– يُصنف أغلبية قراء اليوم على أنهم قراء وهمين غير حقيقين لإفتقارهم لمهارات النقد والتحليل والأغلب يقرأ لأجل فعل القراءة فقط دون معرفة ما يقرأ وما الهدف من القراءة وكيف يقرأ ؟ والتي يتميز بها القراء الحقيقيون
، ينعزل القراء الحالين أثناء ممارستهم للقراءة بالمعنى الخطأ للعزلة فينعزل عن الواقع الاجتماعي وكأنه يأخذ القراءة مهرباً من الضغوطات الحياتية والواجبات الاجتماعية إلا أن للقراءة وقت محدد لا يجب أن يطغى على أجزاء الحياة الأخرى في حين أن العزلة القرائية هي التي يخرج منها القاريء بفكر ومعرفة وتجربة جديدة ونظرة واقعية متزنة للحياة ومتطلباتها .
الكثير من هواة الكتب لا القراءة يعمل على تكديس الكتب على رفوف مستوية مقرها في غرفة استقبال الضيوف كمنظر يعكس ثقافة أهل البيت أهذه الثقافة وهكذا تكتسب المنزلة الثقافية الاجتماعية؟
يفتقر الكثير إلى الثقافة الاستهلاكية القرائية فيجده يشري كتابا من عنوانه فقط دون البحث عن تاريخ الكاتب وهدف الكتاب ونوعه ، ودون مقاربة بين أهمية الكتب ومحتواها وفائدتها وانعكاساتها واستحقاقية الثمن فيها
، يبهج القلب تنوع المكتبات وتعدد متاجر الكتب حيث تجارة المعرفة والعلم وبناء العقل لا خسارة فيها ولا ندمان إلا أنه يطغى على بعضها طمع التاجر ومبالغة الربحية دون مبالاة بقدرة الشُراء ومتطلبات السوق القراءي مع وجود فروقات بالغة في أسعار الكتاب نفسه بين عدة متاجر ومكتبات فهل توحيد السعر حلا ؟
ومن خلال العرض السابق الموجز وفقاً لملاحظتي يتضح حاجة الممارسين لفعل القراءة إلى فهم واع وحقيقي لكلمة ( أقرأ) ودلالاتها ومن ثم تغيير سلوكيات القراءة الخاطئة لنصنع أصحاب ذوق مصقول أساسهم ثقافة منشودة ورغبة حقيقة في تغيير تقليد سائد إلى فكر أسمى ونتخلص من الأذواق الفجة التي لا تفهم القراءة سوى سطحها وشكلها دون الغوص في عمقها.