تولّي نادر شاه مقاليد الحكم في بلاد فارس ( ١٧٢٢م – ١٧٤٧م )
أحمد بن علي المقبالي
الجزء الحادي والأربعين: –
مقالنا اليوم إن شاء الله تعالى سوف يكون عن الأحداث التي أدّت إلى تولّي نادر شاه مقاليد الحكم في بلاد فارس.
– من المهم جداً أن نكون على اطّلاع ومعرفة تامّة بلأحداث التي أدّت إلى ظهور نادر شاه حتى تكون لدينا فكرة عامة على الأقل أو قاعدة معلومات عن هذا الامبراطور الفارسي لارتباطه لاحقاً بأحداث عظيمة وقعت على أرض عمان.
– شهد القرن الثامن عشر تزايد الانحلال في الأسرة الصفوية بعد وفاة الشاه عباس الكبير ( ١٥٨٧م – ١٦٢٩م ).
ونتيجةً لفساد الأسرة الحاكمة تمّ إهمال مؤسسات الدولة وخاصةً الجيش الذي أصبح ضعيفاً لا يقوى على مواجهة أيّ اختلال أمنيّ أو أيّ مخاطر خارجية.
– عمّت الثورات الأراضي الفارسية خاصة قبائل الغلزائي الأفغانية التي أدّت إلى استقلال قندهار.
وفي عام ١٧٢٢م أسقط الأفغان الثائرين الحكم الصفوي وأسّسوا حكماً أفغانياً على الأراضي الفارسية استمرّ قرابة ثمانية أعوام.
– عام ١٧٢٢م غزت روسيا بقيادة بطرس الكبير بلاد فارس وسيطرت على دربند وأستراخان، وفي ٢٣ سبتمبر عام ١٧٢٣م عقدت روسيا اتفاقية مع إسماعيل بك مبعوث الأمير الصفوي طهماسب ابن الشاه حسين حصلت روسيا بموجبها على كلّ ما يلي: –
١- باكو.
٢- كيلان.
٣- استرآباد.
٤- مازندران.
– عام ١٧٢٣م أعلنت الدولة الإسلامية (العثمانية) الحرب على بلاد فارس وذلك لمنع التقدم الروسي فسيطر الجيش العثماني على كلّ من: –
١- كرمنشاه.
٢- وأردلان.
٣- كردستان.
٤- تفليس.
٥- تبريز.
– كاد أن يقع صِدام روسي عثماني في بلاد فارس نتيجة الخلاف على مناطق النفوذ لولا الجهود الفرنسية الجبارة بقيادة بوناك.
– انتهت المفاوضات بين روسيا والعثمانيين في ٢٤ يونيو عام ١٧٢٤م كمايلي: –
– امتلاك روسيا كل ما يلي: –
١- دربند.
٢- باكو.
٣- كيلان.
٤- مازندران.
٥- استرآباد.
– امتلاك الدولة العثمانية كل ما يلي:
١- هدمان.
٢- كرمنشاه.
٣- تبريز.
٤- جورجيا.
👈 مراحل ظهور نادر شاه على مسرح الأحداث:
– وُلد في ٢٢ نوفمبر عام ١٦٨٨م في قرية دستجردي بولاية اليورد في مقاطعة خراسان، وينتسب نادر إلى قبائل الفشار التركمانية التي تمتهن حرفة الرعي وصناعة الفرو والخيام.
– تهيأت له فرصة الدخول في سلك الخدمة العسكرية في فرقة حاكم أليورد ورئيس قبائل الفشار بابا علي أحمدلو وقد تميز نادر بالشجاعة لذلك تدرّج سريعاً حتى وصل إلى منصب رئيس الحرس الخاص للحاكم.
– حاول قتل الحاكم والسيطرة على حكم الولاية ولكنه فشل فهرب إلى إحدى القلاع القريبة التي سُميت باسمه (كلات نادري) ومنها أخذ يدرب فرقة عسكرية من قطّاع الطرق.
– أثناء الاحتلال الأفغاني لفارس ضعفت سيطرتهم على الأقاليم الداخلية فكانت فرصة سانحة لنادر في تدعيم مركزه بعيداً عن أعين السلطات الأمنية فالتحق به الكثير من العسكر من الذين كانوا يعملون تحت إمرته وتزايد عددهم حتى بلغ ٥٠٠٠ مقاتل.
– تمكن نادر من السيطرة على نيسابور واتخذها قاعدة لقواته، قام بالانضمام وقواته إلى جانب الأمير الصفوي طهماسب في عام ١٧٢٦م.
– تمكن نادر من هزيمة الأفغان في ثلاث معارك متتالية وهي: –
١- معركة مهماندوست
في ٢٩ سبتمبر ١٧٢٩م
٢- معركة مرح خور
في ١٠ نوفمبر ١٧٢٩م
٣- معركة وركان
في مطلع عام ١٧٣٠م
– بعد هذه المعارك استطاع نادر استعادة العرش الصفوي لطهماسب الذي تُوّج شاهً على بلاد فارس في ٢٩ نوفمبر عام ١٧٢٩م.
– استطاع نادر أن يستعيد الأراضي الفارسية من الروس والعثمانيين بطرق مختلفة، بعضها من خلال المفاوضات مثل ما حدث مع الروس، والبعض الآخر بالحرب مثل ما حدث مع العثمانيين، وقد ردت القوات العثمانية بغضب على هجوم نادر على قواتها وحققت انتصارات كبيرة في الفترة من ( ١٧٣١م – ١٧٣٢م ) وفرضت اتفاقاً مهيناً على الشاه الصفوي طهماسب.
– قام نادر بخلع طهماسب عن العرش في ٢٢ أغسطس عام ١٧٣٢م ونصّب ابنه عباس الثالث على العرش في السنة نفسها وعيّن نفسه وصياً على العرش الصفوي.
– استطاع نادر هزيمة الجيوش العثمانية في الأعوام من ( ١٧٣٣م – ١٧٣٦م ) ونتج عن اتصالات الفرس أن دخل الطرفان في مفاوضات وتوصّل الجانبان إلى اتفاق في ١٧ أكتوبر عام ١٧٣٦م بأن يتنازل العثمانيون عن جميع المناطق التي تحت حوزتهم وترجع الحدود إلى ما كانت عليه عام ١٦٣٩م.
– استولى نادر على العرش الفارسي في مارس عام ١٧٣٦م.
👈 الأهداف التوسعية لنادر شاه في الخليج العربي.
١- السيطرة على المراكز التجارية في المنطقة وتحويلها إلى الموانئ الفارسية.
٢- السيطرة على تجارة اللؤلؤ في البحرين.
٣- الانتقام من القبائل العربية الموجودة في الجانب الشرقي للخليج لرفضها الخضوع له.
٤- تحطيم قوة القبائل العربية الذين أذاقوا الفرس الأمرّين في الماضي القريب.
٥- تسخير خبرة العرب في صناعة السفن لإنشاء الأسطول الفارسي المزمع إنشاؤه وذلك لافتقار الفرس لخبرات ارتياد البحار.
👈 إعداد القوة البحرية الفارسية:
– في مارس عام ١٧٣٤م عيّن نادر شاه لطيف خان قائداً للأسطول الفارسي غير الموجود أصلاً.
– عرض لطيف خان طلب نادر شاه شراء سفينتين صالحتين على الوكيل الإنجليزي في بندر عباس ولكن الوكيل اعتذر عن تلبية طلبه لعدم امتلاكه صلاحيات ذلك.
– ذهب لطيف خان إلى الوكيل الهولندي وعرض عليه نفس الطلب ولكنه اعتذر أيضاً لنفس أسباب الوكيل البريطاني.
– في صيف ١٧٣٤م أمر نادر شاه لطيف خان أن يتوجه إلى بوشهر وأن ينشئ بها قاعدة بحرية للأسطول الفارسي المزمع إنشاؤه، فنفّذ لطيف الأمر وأطلق عليها اسم بندر نادري.
– في ديسمبر عام ١٧٣٤م تمكن نادر شاه من إقناع اثنين من التجار الإنجليز ببيع سفينتيهما المسماة روبيرال وباتنا وهما سفينتان تجاريتان بعد أن أغراهما بالمال. وقد أظهر نادر شاه غضباً شديداً تجاه الوكيلين ومنعهما من المغادرة إلى الهند ولكنهما أقنعاه بأن السبب يعود إلى عدم امتلاكهما صلاحية بيع السفن للفرس ولكنهما سوف يستخدمان صلاحيتهما الشخصية لتسهيل شراء الفرس لسفن من سورات وذلك في عام ١٧٣٥م.
– رغم الإجراءات المشددة التي اتخذها البريطانيون بعدم حصول الفرس على السفن الحربية خوفاً من الصِدام الفارسي العماني وتضرر العلاقات التجارية البريطانية في الخليج فقد حصل الفرس على أربع سفن، كما اشترى الفرس سفينتين من التجار البريطانيين.
– عام ١٧٣٥م أجبر الفرس الشيخ راشد حاكم باسيدو على بيعهم سفينتين من سفنه وبهذا كوّن الفرس نواة البحرية الفارسية بأربع سفن.
👈 الغزو الفارسي للبصرة سنة ١٧٣٥م
– استغلّ الفرس الأحداث والاضطرابات التي حدثت بين القبائل العربية والسلطات العثمانية في أبريل عام ١٧٣٥م.
– كما استغل الفرس غياب القوة العربية المسيطرة على الخليج العربي وهي الأسطول العماني بسبب الاضطرابات العنيفة في داخل الدولة العمانية. وفي عام ١٧٣٥م أصدر لطيف خان الأوامر لقواته بالاستعداد للهجوم على البصرة.
– تحرك القائد الفارسي على رأس قوة بحرية قوامها: –
١- ثلاث سفن كبيرة نوع غراب.
٢- خمسين سفينة كبيرة نوع ترانكي.
٣- عدد من السفن الصغيرة.
٤- قوة برية قوامها ٨٠٠٠ جندي.
– وصلت القوات الفارسية إلى شط العرب في ٢١ مارس عام ١٧٣٥م.
– لم يكن لدى العثمانيين قوة بحرية فعالة في المنطقة لصدّ الهجوم الفارسي ولذلك توجّه الباشا العثماني إلى الوكيل الإنجليزي في البصرة مارتن فرينش لطلب مساهمة السفينتين الإنجليزيتين الراسيتين في ميناء البصرة رويال جورج ودين وإذا رفض سوف يتم الاستيلاء عليهما.
– لم يجد الوكيل البريطاني بدّاً من الموافقة فتم تزويد السفن بما يلزم من معدات حربية و٢٠٠ جندي في كل سفينة.
– اصطدم العثمانيون والفرس في شط العرب وبعد اشتباكات استمرت لمدة ثلاثة أيام تعرض الفرس لخسائر فادحة اضطرتهم للانسحاب دون تحقيق شيء من مخططاتهم.
– أصيب نادر شاه بالذهول من الهزيمة المنكرة والخسائر الفادحة التي مُنيت بها القوات الفارسية ولذلك أمر بعزل لطيف خان.
– وافق البريطانيون على بيع الفرس سفينتين من سفن سورات حمولة ٤٠٠ طن مزودة بعشرين مدفعاً بقيمة ٨٠٠٠ تومان وذلك لامتصاص غضب نادر شاه بسبب مشاركة السفن البريطانية في صد الهجوم الفارسي.
👈 الغزو الفارسي للبحرين واحتلالها عام ١٧٣٦م
– أعاد نادر شاه تعيين لطيف خان قائداً للقوة البحرية الفارسية وتم اختياره لمهمة استرجاع هيبة القوات الفارسية فاستغل لطيف خان غياب الشيخ جبارة لأداء فريضة الحج عام ١٧٣٦م وهاجم الجزيرة بقوة قوامها ٤٠٠٠ جندي ونجح في احتلالها.
– هذه هي الأحداث التي حدثت قبل وأثناء ظهور نادر شاه والتي أوردناها لفهم عقلية نادر شاه وأهدافه ومخططاته والخطوات التمهيدية التي قام بها لتحقيق هدفه الاستراتيجي الكبير والأهم على الإطلاق وهو احتلال عمان وتحطيم القوة العمانية من الناحيتين العسكرية والاقتصادية.
مقالنا القادم إن شاء الله تعالى سوف يكون عن الحملة الفارسية الأولى على عمان وأهدافها وسوف نرصد الاستعدادات الفارسية لتحقيق هدف احتلال عمان.
المصدر: –
– عمان وسياسة نادر شاة التوسعية.
المؤلف: –
عدنان الزبيدي