على قارعة الطريق نامت أحلام الطفولة؛ فكان ضجيج الحاجة
سميحة الحوسنية
لم تكن تلك المشاهد التي تناقلتها وسائل التواصل الاجتماعي من واقع حياتنا اليومية تبهج النفوس وتثلجها، بل كانت جمرًا يحرق العيون وهي تتابع تلك المشاهد المحزنة والمخيفة في حق الطفولة.. التي أوجعتنا رؤيتها على أرصفة الحياة في إحدى الضواحي السكنية، فها هي تلك الطفلة تغفو على أسرّة الضباب تتوسد التعب، وقد ذبلت أرجل طاولة (البياعة) التي لم تتحمل حرقة أنفاسها في تلك اللحظات، فإلى أين نحن نمضي؟
تلك الظاهرة بدأت تنتشر في الكثير من الشوارع والحارات من الباعة الصغار الذين يبيعون الماء، والعصائر، وشاي الكرك، والمشاكيك، وما تنتجه أسرهم المتعففة كالهريس، والثريد، والدنجو.. وغيرها، فلماذا يتحمل هؤلاء الصغار حرارة الشمس ومشقة البيع لسد احتياجاتهم الضرورية..؟
وستظل تلك الظاهرة.. وستزداد كلما بقيت مخصصات أسر الضمان الاجتماعي والمتقاعدين على حالها دون تدخل سريع لمُعالجتها، ووضع حلول مناسبة لرفعها لتصل إلى مستوى العيش الكريم الذي يعينهم على أسواط الغلاء المعيشي، والحاجة التي تجلدهم وتثقل كاهلهم، والرواتب التي لا تسمن ولا تغني من جوع… أما آن الأوان لذلك الوضع المعيشي والاجتماعي للأسر المعسرة أن يتحسن وتنفك قيوده المكبلة بالعوز والحاجة، ونتصدى لها ونجد لها الحلول المناسبة التي تحفظ لكل مواطن أسباب العيش الكريم؟
لا مجال للصمت ولالتقاط الصور الموجعة التي تنتشر بسرعة البرق، ولا بد من حلول عاجلة لإنهاء تلك المشكلة التي تعاني منها الكثير من الأسر.
فمن سيوقظ تلك الطفلة البريئة التي نامت على طاولة (البياعة) ليأخذ بيدها نحو عالم أفضل، يكفل لها حقوقها في وطن الخير والسلام ومن مثلها ليعيشوا طفولة آمنة في بيوتهم قبل أن يفترسهم التعب والجوع على أرصفة الطريق؟
أين حقوق الطفل التي نتغنى بها ليل نهار، ونناشد بها في كل الميادين؟ فعلى الجهات المسؤولة أن تفتح تلك الملفات المهمة، وتعمل على تحسين مسارها، حيث بات أعداد أبناء الأسر المُعسِرة الذين أجبرتهم ظروف المعيشة للخروج للبيع على قارعة من الأساسيات والقضايا المهمة التي نأمل أن تعالج بكل واقعية واهتمام، وسيتفاقم الوضع مع ذلك النزيف المستمر لمشاهد التسريح التي تتكرر يوماً بعد يوم، ولا مجيب لوقف ذلك النزيف، وبالتالي سيضطرون للبيع برفقة أبنائهم لسد حاجتهم.
أرجو أن تكون هناك قرارات حاسمة لتلك الظاهرة التي لا بد أن توجد لها حلولا مناسبة، ولن يتأتى ذلك إلا إذا اتخذ أصحاب القرار سياسات تطويرية لمستوى المعيشة لتلك الأسر، ودراستها من كل الجوانب، والسعي الجاد لحقن تلك المشاهد التي تتكرر من العوز والحاجة في بلد الخيرات والعطاء في ظل نهضة متجددة، وضعت الإنسان العماني أول اهتماماتها، فلتكن الإدارة قوية تحضنها الإرادة وروح التغيير.