بلسم الحياة
حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة
لكل إنسان منا أناس مقربون له، لا نعرف لماذا، ولكن هناك تقارب في الأفكار والرؤى وأحيانًا تقارب في المشاعر والأحاسيس، لدرجة أن نظرة الحياة متشابهة جدًا، وهناك من نختلف معهم ولكنهم قريبون أيضًا؛ لأنهم يقدرون مشاعرنا، ويبحثون عن أسباب لأخطائنا، ويجدون لنا العذر، يعاتبوننا بلطف، يسألون عن حالنا كل حين، هؤلاء هم بلسم حياتنا، هم من يغرسون الأمل في نفوسنا، فإن قلنا لهم شكرًا لا توفيهم حقهم ولن توفيهم أبدًا.
أحيانًا نستاء من ظروف الحياة فنجدهم بجانبنا يرسمون الابتسامة في وجوهنا، لا يتركوننا وقت الشدة، يبحثون عنا ليجدوا السعادة فينا.
نجدهم من حولنا في اللقاءات والمناسبات الاجتماعية، نجدهم في زملاء العمل، نجدهم في أصدقائنا، يبثون فينا روح الإيجابية مهما أغلقت أبواب الدنيا في وجوهنا، هم مفاتيح السعادة فيها، لا يغلق باب إلا وفتحوا لنا ألف باب.
الحياة بدونهم صعبة، فهم من يحلونها، وهم من نجد فيهم طعم الحياة والسعادة فيها، حين نحزن نبحث عنهم فنجدهم عونًا وسندًا لنا، وفي ساعات الفرح يخطرون ببالنا، كلمة منهم تسعدنا، نحزن لفراقهم ونسعى للقائهم.
نخشى عليهم من إزعاجنا لهم والخوف من مضايقتهم، نتردد كثيرًا قبل التواصل معهم؛ خوفًا من الدخول في أوقات راحتهم وتعكير مزاجهم.
رغم اعتذارنا لهم فإننا نجد السعادة باستقبالهم لنا، ندعو الله لهم التوفيق والنجاح، وأن يسعدهم في أوقاتهم وأن لا يريهم همًا ولا حزنا، فهم ثروتنا في هذه الدنيا.
وإن أصابهم مكروه ندعو المولى عز وجل أن يفرج همهم، وأن يزيل كربهم، كيف لا؟ وهم بلسم الحياة والحياة لا تحلو بدونهم، نستشيرهم في كل صغيرة وكبيرة في أمور حياتهم، ونسعد حين يطلبون استشارتنا.
نحتاج لهم ويسعدنا احتياجهم لنا، لا نمل من وصلهم، ونسأل الله ألّا يملوا من وصلنا، نتشارك الأفراح، وأفراحهم أفراحنا، نرجو ألّا يخيب فيهم ظننا وألّا يخيب ظنهم فينا.
فإن كان في حياتك مثلهم قاتل من أجلهم وحافظ عليهم، لا تخسرهم أبدًا، وكما قلنا هم بلسم الحياة، هم علاج ودواء لكل داء، فلا تترك للمغرضين سبيلًا للدخول بينك وبينهم.
هم راحة للنفس ومتنفس لكل ضيق، بلسم لكل ألم، ومصدرٌ لكل أمل، بهم نرى النور، وبهم نرى البهجة والسرور.
بصفاء قلوبهم تحلو الحياة وبطيبها طعم الجمال، بقلوبنا نحفر أسماءهم، وستبقى خالدة مدى الحياة، شكرًا لكل عزيز غالٍ ترك ما يشغله ليشغل نفسه من أجلنا.