أحمد بن موسى بن محمد البلوشي
السلوك البشري يرتبط بالبيئة التي نعيشها، وهذا السلوك إما أن يكون شائعًا أو مقبولًا أو غير مقبول، ويكون تقييمه من قِبل المجتمع باستخدام المعايير الاجتماعية والعادات التقاليد في أغلب الأحيان، أو من خلال الحكم عليه بكونه إيجابيا أو سلبيا، وهذا التقييم يختلف من مجتمع لآخر، ومن منطقة لأخرى، وفي بعض الأحيان ينشأ عن هذا السلوك والتصرف الذي يصدر عن بعضهم تأثير في المحيط الذي نعيش فيه، قد يكون هذا التأثير صحيا أحيانًا، ومضرا في أحيان أخرى.
جيل اليوم يختلف عن جيل الأمس في الكثير من الأمور، فمثلًا بعض العادات والتقاليد التي كنا ملتزمين ومتقيدين بها سابقًا أصبحت لا تتناسب مع الوضع الحالي لهذا الجيل، طرق التفكير والمدنية وأسلوب الحياة، والتعليم اختلف كثيرًا عن السابق؛ لهذا يجب علينا أن نتواكب مع التطور الحاصل بشرط ألا نحيد عن الخطوط الحمراء في التربية والعادات والتقاليد المجتمعية. جيل اليوم لا يحب الالتزامات بالقيود التي تحد من أفعاله وتصرفاته؛ لهذا وجب علينا أن نغرس في نفوسهم القيم السليمة والعادات الصحيحة والسلوك الإيجابي.
تختلف طرق التربية من أسرة لأخرى، ولكن الهدف في النهاية واحد، وهو التربية السليمة والصحيحة، التربية المبنية على القيم الدينية والمبادئ والأسس الاجتماعية، فتربية الأبناء من أصعب المهام التي يواجهها الوالدان خاصًا في هذا الوقت؛ وذلك لوجود مدخلات تشاركهم في تربية أبنائهم، ويمكننا تشبيه التربية بالمزارع والبذور، فالوالدان هما المزارع، والأبناء هم البذور، فإذا صلحت طريقة زراعة البذور، وتمت العناية بها جيدًا؛ كانت النتائج جميلة ورائعة.
يجب علينا أن نفرق ما بين التربية والسلوك، فلا نحكم على التربية والجهد الذي بذله الوالدان لفترات طويلة في تهيئة أبنائهم وتربيتهم لمجرد سلوك صدر عنهم، فالمخزون الوفير لدى الفرد من التربية هو من يعدل سلوكه ويقومه، فما حدث من سلوكيات وتصرفات من بعضهم في معرض “مسقط الدولي للكتاب” في أثناء توقيع أحد الكتاب لكتابه، لا يرتبط بالتربية بصورة مباشرة؛ فهو مجرد سلوك صدر عن بعضهم في موقف معين، وربما الشخص عندما يراجع نفسه لاحقا يكون غير راضٍ عن هذا السلوك، فلماذا نهدم تربية الوالدين من خلال سلوك وتصرف أنت لا تقبله؛ لأن بعضهم رأى من هذا التصرف والسلوك مقبولًا؟
ولهذا السلوكيات قسمت نوعين: مقبول وغير مقبول، ومن أنت لتحكم على تربية هؤلاء بأنها غير سليمة وغير صحيحة؟، وما المعيار والحكم الذي استخدمته، وبنيت عليه نتيجتك بأن هؤلاء لم يتلقوا التربية السليمة؟، فالحكم على التربية ليس من خلال موقف وتصرف معين؛ بمعنى ليس بهذه الطريقة التي رأيناها من بعضهم وكتاباتهم في وسائل التواصل الاجتماعي، إن كنت لا تعرف الطريقة في الحكم على تربية الجيل، فعليك الرجوع لمصادر العلم والمعرفة، وتغذَّ منها جيدًا، وبعدها أصدر أحكامك عليهم.
