رحلا قبل أن يتحقق الإنجاز
حمود بن علي الحاتمي
كم كنت أتابع حلم شباب حارة المحاضر في إنشاء ملعب معشب ومقر للفريق، وأتتبع خطوات المشروع ومراحله عبر حساباتهم، وعبر حساب مجلس جماهير الرستاق، والفخر يتملكني أن أرى الإصرار والحماس لدى أبناء القرية في وضع بصمة في جبين الوطن بمنجز رياضي يخرج جيلا رياضيا للوطن…
ومع صعاب جمة تعيق أي مشروع، كانت الهمة عالية تعانق السماء في البدء في تسوية الأرض وتسويرها وسط تكاتف من أبناء فريق المحاضر بمختلف الأعمار والأجيال تكاتف وتلاحم أخوي تمخض عنه إنجاز تعشيب الملعب، ويلهب حماس القرى الأخرى في تبني مشاريع مماثلة.
ومع تلاحق الأخبار حول انتهاء المشروع ووضع اللمسات الأخيرة، استيقظت الرستاق على خبر مفجع، وفاة أحمد اليعربي، إداري فريق المحاضر، وأحمد سرحان، حارس مرمى الفريق إثر سقوطهما من رافعة كانا يقومان بتركيب أعمدة الإنارة بملعب الفريق.
الحزن يخيم على الجميع وسط دعوات بالرحمة والمغفرة لهما.
رحل الأحمدان في سبيل تحقيق إنجاز.. رحلا، ولم يمهلهما القدر من أجل رؤية الحلم، وقد أضحى حقيقة.
رحل الأحمدان ولم ينهيا ما خطط له أن ينجز.
كانا يسابقان الزمن من أجل أن يفرح أهل القرية والولاية بمنجز رياضي.
مقاطع الفيديوهات التي تصلني كان أحمد اليعربي ورفاقه تعلو جباههم سمات الجد، وهم يقومون بأعمال الصبغ والقطع والنشر وتركيب الأدوات، كم كانوا ينكرون الذات من أجل تحقيق الإنجاز!
رحل الأحمدان ودعوات رفاقهما الخالصة وأمهات وآباء ونساء وكل أبناء الولاية تتوجه إلى الله عز وجل أن يرزقهما الجنة، ويجزيهما خير الجزاء.
فبقدر ما كان الفرح كاد أن يدنو.. رويداً رويدا كم كان الفقد مفجعا والحزن مؤلما!
الأحمدان وإن رحلا جسداً فروحهما حاضرة في أبناء قرية المحاضر خاصة وأبناء الولاية عامة، وسيرتهما الطيبة لا زالت تسري في كل من يعرفهما.
الروح تذهب، والأخلاق والعمل الصالح يبقيان، وإنما المرء بحسن عمله.
أما وقد رحل الأحمدان؛ فإن إرادة الله جارية في خلقه، بالأمس كانا معنا، واليوم تحت الثرى، فالحياة ماضية بأتراحها وأفراحها، وبإذن الله سيكمل أبناء قرية المحاضر المشروع؛ تكريما لهما، ولن يتوقف، وسيواصل شباب القرية العمل بنفس الروح التي كان عليها الأحمدان.