تحت الضوء
مريم الشكيلية
هل من الضروري أن أعيش كما يعيش الآخرون؟ أن أخبرهم عمّ آكل وما أشرب وما ألبس؟
وهل هناك إجحاف أكثر بحق نفسي عندما أقرّب الناس من جيوبي، وأجرجرهم إلى معيشتي، وهذا البذخ المادي والوهمي وأطمس دواخلي وما يربطني بهم بهذا الشكل المتهالك من تفاهة الحياة؟
لماذا يتعين عليّ أن أكون مكشوفاً أمام العامّة؟ وأن تكون أبوابي مشرّعة على الدوام؟ أو أن أستقبل الزائرين في غرف النوم، وأن أحشر أنوفهم نحو أدراجي؟
أو لماذا أُدخِل آلاف الوجوه المترقبة والفضولية ينامون ويستيقظون في كل زاوية من بيتي؟ وأطلِع العابرين على تفاصيل مائدتي وفنجان قهوتي ورذاذ عطري على ثيابي؟
لا تسألني يا صديقي عن أحوالنا فما عدت أفهم لمَ نحن فيه الآن من تناقضات واضحة؟ أو أن يحيا البعض حياتين؛ واحدة تحت وميض الهواتف، وأخرى خلف أبوابٍ موصدة.
ويتعين عليك أن تشغل نفسك بما تحت الضوء وتترك ما خلف الستار.
ألا يمكن للشخص أن يعيش بهدوء في ركن بيته يستتر عن أعين الفضوليين الذين سمحت لهم أن يصوّبوا آذانهم وأعينهم من ثقب بابك؟
يا صديقي أصبحنا نعيش في بيوت زجاجية، أتصدق هذا؟
حتى الجدران لا تخفي ملامحنا وأشياءنا، نحن من صنعنا هذه الأكواخ البلاستيكية وأسقطنا أنفسنا من أعين أنفسنا.
فكم هو مخزٍ أن نختزل حياة بأكملها للفرجة، وأن نتمدد تحت الأضواء.