2024
Adsense
مقالات صحفية

معاهدة

أحمد بن موسى البلوشي

يقول ليندون جونسون: “ابحث عن كل مناقشة هادفة وتجنّب الجدال؛ فالنقاش يُثري الفكر، لكن الجدال هو المسافة الأبعد بين وجهتي النظر”، فاختلاف الآراء ووجهات النظر ليس شرطًا بأن يكون شيئاً سلبياً، قد يكون هذا الاختلاف صحيَّا وسببًا في التوصل لنقطة توافق، وتصحيحاً للرأي.

لذلك لا داعي بأنْ نتجنب هذه النقاشات ونبتعد عنها؛ بل يجب علينا أنْ نستفيد منها في زيادة المخزون الفكري والمعرفي لدينا، والمهم في ذلك أنْ تكون أنت قادرًا على المناقشة بطريقة مفيدة وبنّاءة، ويكون الطرف الآخر ذا فكر معرفي تستفيد من مناقشته وطرحه الأفكار.

ولكنّ هناك أشخاصا لا يعون معنى المناقشة البتة؛ فقط يناقشون بعشوائية وبدون دليل لديهم، وكأنّهم يعلمون كلّ شيء، فهم دائما يتمسكون بآرائهم ووجهات نظرهم، ومقتنعون بأنّهم على صواب في كل شيء، وباقي وجهات النظر والآراء ليست صحيحة!
والإشكالية بأنّ أغلب المعلومات التي يدلون بها خاطئة، لكنّهم يصّدقونها، ويؤمنون بها، وفي نهاية النقاش معهم؛ يتعكر مزاجك، وقد تفقد صوابك؛ لأنّ محصلة المعرفة لديهم تساوي صفرا!

يقول جوزيف فاريل: “عندما تدخل في نقاش، حافظ على هدوء أعصابك، أمّا منطقك إذا كان سليماً فسوف يعتني بنفسه”، ومن خلال هذه المقولة، وبعد عدّة تجارب؛ عقدتُ معاهدةً مع نفسي بأّلا أناقش أيّ شخص يتمسك برأيه، ولا يفهم أسس النقاش الهادف، ويحاول أنْ يقنعك بأنّ كلامه وطرحه صحيح، وهو صاحب الفكر والآراء الصائبة، وللأسف هو شخص سلبيّ في طرحه، منتقد كلّ شيء، و كلّ الحلول التي تُطرح ليست صحيحة من وجهة نظره! رغم أنّه لا يمتلك معرفة حقيقية، بل مجرد معلومات سطحية للكثير من المواضيع، ووسائل التواصل هي مصدره الوحيد للمعرفة! ويصدق كل ما تتداوله هذه الوسائل! لذلك يجب علينا أنْ نعود أنفسنا على التوقف وعدم الانخراط في مناقشات لا مردود إيجابيّ منها، وعلى ضبط الأعصاب عند التعامل مع هذه النوعية من البشر، والتوقف عن الاستمرار في النقاش مع هذه الفئة من الناس، أو تغيير الموضوع لموضوع آخر.

وندرك جميعاً بأنّ هناك شخصيات مختلفة من البشر، منهم المُفَكّر الإيجابي، أو العنيد، أو المتردد، أو الثرثار، أو المعارض وغيرهم، وبحكم أنّنا نعيش في محيط واحد؛ نجد أنفسنا مضطّرين للتعامل معهم، على اختلاف طبائعهم، وقد تربطنا معهم علاقات متعددة؛ فمنهم الأخ، والصديق والزميل؛ لذلك يوجد العديد من الطرق للتعامل معهم، وفق حدود ومعايير معينة نضعها نحن لكل شخصية، فمنهم من تكتفي بالنقاش معه في المواضيع الرئيسة دون تفصيل، ومنهم من تتعمق معه كثيرا، ومنهم من تقنعه بالبرهان، والدليل القاطع، ومنهم من تتحاشى أنْ تفتح معهم باباً للنقاش!
وأخيرا يجب علينا أنْ نركز على الهدف الأساسي للحوار، كالتوصل لقرار حول موضوع قد يكون محطّ جدال أو خلاف، أو حلا لمشكلة معينة دون الدخول في خلافات ومناقشات شخصية مع الطرف الثاني ليس لها علاقة بصلب الموضوع.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights