رحلة مع موهوب… المحطة الأولى (1)
د. إنعام بنت محمد المقيمية
إن التنشئة الوالدية الإيجابية للأبناء بشكل عام والموهوبين بشكل خاص هي الركن الداعم للتكيف النفسي والاجتماعي لهم، فالمعاملة الوالدية غير الملائمة في مرحلة الطفولة من نقد، وتهديد، وصراخ، وسلطة خانقة؛ قد تحد من قدرات الابن الموهوب، هذا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الخصائص المميزة، والحاجات المختلفة لهذه الفئة الخاصة.
لقد أحضرت ابنها إلى المركز البالغ من العمر ثماني سنوات، أرادت معرفة كيف يمكن مساعدته في تنمية مهاراته التي يمتلكها؟ فوجدتها أُمّا تسعى جاهدة في إظهار مواهب ابنها والعناية بقدراته، ولقد أحسنت بهذا العمل؛ فالأسرة هي الحاضنة الأولى للموهوب، فأصبحت تحدثني عن قدراته في الرياضيات، وسرعة استجابته في حل المسائل الرياضية، ورغبته في اكتساب المعلومات ومناقشتها، ثم استطردت قائلة: إلا أن المعلمات في المدرسة يقولون: إني أضغط عليه، وأنا أريد أستغل قدراته، طمأنتها بأننا سنسعى معا في التعرف على قدراته، وتنمية مهاراته بالصورة المناسبة.
قدمت لها مقياسًا لكشف الموهبة من خلال ملاحظة الوالدين، وتحديد نوع الذكاء الذي يمتلكه من خلال ملاحظتها للابن منذ بداية الموهبة لديه، أو العلامات الدالة عليها، واستأذنتها لمقابلة الابن؛ للتعرف على ما يمتلكه من اتجاهات ومواهب خاصة من خلال فنيات الجلسة الإرشادية، ويعرف الإرشاد بصورته المبسطة: بأنه عملية تهدف إلى مساعدة الفرد على أن يفهم نفسه، وجوانب القوة والضعف لديه، ويفهم إمكاناته؛ حتى يمكنه التفاعل مع الآخرين، والتكيف السليم مع بيئته.
وبعد انتهاء وقت الجلسة؛ أخذت من الأم المقياس؛ لمقارنته مع ملاحظاتي في الجلسة الإرشادية للابن الموهوب على أن أعطيها الخطة العلاجية لتحديد نوع موهبته، وكيفية تنميتها في الجلسة القادمة، وإلى ذاك الموعد، اقترحت عليها بأخذه للمكتبة؛ لشراء ما يثري اهتمامه من الكتب المفيدة دون تدخل من قبلها، وإعطائه مساحة لممارسة هواياته دون قيود، ومنعه من ألعاب الفيديو مع توفير بيئة أسرية قائمة على بناء علاقة إيجابية مع الابن كممارسة التقبيل والحضن واللمسة، مع تعجب الأم من المقترح؛ حيث شعرت بوجود مشكلة ما! وكان الأعجب والصادم للأم نتيجة الجلسة الإرشادية في الجلسة الثانية، والتي عرضت فيها الخطة العلاجية!!…. للحديث بقية.