2024
Adsense
مقالات صحفية

كيف تبني خطة شخصية؟

صالح بن محمدخير الكعود
طالب دكتوراه وباحث في التنمية البشرية
الجامعة الإسلامية العالمية الماليزية

 

توصلت إحدى الدراسات إلى أنّ التخطيط لمدة ساعة واحدة يوفر ثلاث ساعات من العمل في المستقبل، ولا ريب أنّ هذه المقولة صحيحة، إذا أردنا أن نستثمر في الوقت؛ فعلينا أن نحدد الاتجاه والطريق الذي نمشي فيه، فقديماً قالوا:”لأن أمشي كالسلحفاة في الطريق الصحيح خير لي من أن أركض كالأرنب في الطريق الخطأ”.

نجد الكثير من الناس بعد أن يتخرج في دراسته، أو بعد مضي فترة من دراسته، يكتشف أن هذا ليس هو الطريق الذي يريد، وأنّه لم يجد نفسه في هذا التخصص، وكثير من الناس يصرف جلَّ حياته في العمل في مجالات لا يُحبها، وكل ذلك لغياب خطة شخصية تقوده إلى الهدف الذي يريد، ولا شك أن الطاقة والنشاط مرتبط بمدى استعداد الفرد، فهناك قانون مفاده “أن الإمداد على قدر الاستعداد”، بمعنى أن جسمك يمدك بالطاقة على قدر استعدادك وتهيُّؤك للأيام القادمة.

والجدير بالذكر أيضاً أنّه يجب أن يكون للإنسان رسالة في حياته؛ حيث تصب جميع أهدافه فيها، كروافد الأنهار التي تصب في النهر الكبير، الأهداف توضع لتخدم الرسالة، الأهداف تحقق النجاح بينما الرسالة تجلب السعادة، فإذا كانت أهدافك منسجمة مع رسالتك؛ حققت النجاح والسعادة معاً، فكم من إنسان ناجح، لكنّه غير سعيد! وهذا لأنّ أهدافه لا تتوافق، ولا تنسجم مع رسالته، وكم من سعيد غير ناجح! لأنه لا يوجد لديه أهداف تخدم طموحه ورسالته.

وهنا لا بد أن نعلم أنّ للإنسان عدة شخصيات في شخصية واحدة، فقد يكون الرجل الواحد أبا، زوجا، موظفا، عابدا لله، ورياضيا…إلخ، ولا بد أنّ يكون للإنسان أهداف في كل جانب من جوانب حياته؛ لنصل إلى معنى الحديث النبوي الشريف أن نعطي كل ذي حق حقّه.

يجب أن نعيش حالة التوازن والانسجام بين مختلف جوانب حياتنا، فلا يكون تحقيق هدفنا في الجانب العملي أو العلمي على حساب الأسرة والمجتمع، كما لا يجب أن يكون تحقيق أهدافنا في الجانب الروحي –مثلاً- على حساب الجانب العملي والمهني، كرجل يقضي عمره في الأعمال الخيرية، وينسى أن يحقق أهدافه في العمل، فيصل إلى مرحلة تتوقف نجاحاته؛ لحاجته للموارد، وهكذا يجب ألّا يكون الوصول إلى هدف على حساب الأهداف الأخرى.

كما يجب أن تعي أن يكون هدفك يخدم ثلاثة جوانب، العقل، والروح، والجسد، فالعقل غذاؤه العلم والقراءة، والجسد غذاؤه الطعام والشراب، والروح غذاؤها اتصالها مع خالقها، وإذا غابت الأهداف عن أحد هذه النواحي؛ سوف يكون هناك خلل وعدم اتزان في الحياة، وإذا وعيت هذا؛ انكشف لك أن الغرب اهتموا بجانب الجسد والعقل، فطعامهم أفضل الطعام وأكثره فائدة وصحة، وعلمهم من أفضل العلوم وأكثرها تقدماً، بينما الجانب الروحي لديهم خاوٍ، لكننا نحن -العرب- كان اهتمامنا في الجانب الروحي والجسدي، وظل الجانب العقلي فقيراً؛ فتخلفنا، وتراجعنا عن الأمم المعاصرة.

فلكي تكوّن خطة شخصية لا بد أن تفكر في بعض الأسئلة التي يجب الإجابة عنها؛ لتحديد هدفك، وهي:
1- ماذا أريد أن أحقق؟ فمن المهم أن يكون لديك هدف واحد في كل مرة، ومحدد بشكل واضح.
2- متى أريد تحقيق الهدف؟ يحدد لك الفترة الزمنية اللازمة لتحقيق الهدف.
3- كيف أريد تحقيق الهدف، وكيف أقيم البدائل؟ الطرق المتاحة لتحقيق الهدف، والمعايير التي على أساسها يتم اختيار البدائل هي (الوقت، الجهد، المال).
4- لماذا أريد تحقيق هذه الهدف؟ وما المكاسب في حال تحقيق الهدف، والخسائر في حال عدم تحقيقة؟ وهي أسلوب التحفيز المتبع، ويبين لك الدافع الخاص بك لتحقيق هذا الهدف، وهو بمثابة الوقود الذي يعينك على مواصلة السير، وهو أسلوب القرآن الكريم للتحفيز، وهو التحفيز بالترغيب بالجنة ونعيمها، أو الترهيب بالنار وعذابها.
5- ما المعوقات المتوقعة لتحقيق الهدف؟ وما الحلول المتاحة لها؟

قد تجد أنها أسئلة بسيطة، ولكن لها أثر كبير في نقل تفكيرك من الأماني إلى التنفيذ، ومن الحيرة إلى التركيز، ومن العموم إلى الخصوص، ستجد نفسك أكثر معرفة برغباتك وماهيتها وطريقة تنفيذها والدوافع وراءها، ومن المفيد أن تقوم بهذا العمل مع بداية كل عام؛ لتصبح أكثر فعالية وأعلى إنجازا.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights