لا تستهتر
حمدان بن سعيد العلوي
مدرب في الإعلام والعلاقات العامة
لعلي من خلال العنوان أزعج من المختصين في اللغة العربية إلا أنني أكنُّ لهم كل الاحترام والتقدير، ولست متخصصا في اللغة، لكنني أمارسها، وأقع في أخطاء كثيرة، ويقولون: لا تقل مستهترا، ولكن قل مستهزئا، إلا أنني وجدتها في المعجم بمعنى غير المبالي، لا نختلف في صحتها اللغوية؛ فنحن نكررها بلهجتنا البسيطة، ولن أخوض كثيرا في معانيها.
الاستهتار هو اللامبالاة في الشي والإهمال؛ حيث نرى بعضنا يستهتر في بعض المواقف، ولا يهتم لما سيقع بسبب هذا الاستهتار، كثيرا ما يقود الأب سيارته في الطريق وهو مستهتر غير مبال بقوانين المرور، فتجده لا يستخدم حزام الأمان، وعند وقوع الحادث سينال جزاء هذا الاستهتار.
شخص آخر في الطريق يخرج أطفاله من نافذة السيارة غير مبال للعواقب التي ستترتب على ذلك، واضطر للوقوف المفاجئ، وآخر يقود سيارته بطيش، وربما يتسبب في وقوع ضحايا بسبب استهتاره بقواعد قيادة السيارات.
الاستهتار نراه في حياتنا اليومية، ولكن من يفكر في العواقب، ومن يكن لديه حس المسؤولية، يستاء لتلك الأفعال، فالحوادث تقع فجأة، وفي أجزاء من الثانية، فما فائدة الندم بعد ذلك؟
كثير منا لديه أعمال يؤجلها مستهترا بأهميتها، وعند وقوع الحدث غير المتوقع في ذهنه لا ينفع ندم، فلا تستهتروا بأبسط الأمور فقد تكون عواقبها وخيمة.
برغم كل التحذيرات وكل النشرات؛ فإننا نجد المستهترين كثرا، لا يدركون العواقب، فكم ستقوم الجهات المعنية من مراقبة ونصح وإرشاد؟
نقول: احذروا المجازفة وعبور الأودية، ونرى بعضنا يتحدى ويغامر حتى تجرفه السيول، ويؤول بعد ذلك إلى فقدان الأرواح بسبب هذا الاستهتار.
نشتري الألواح الذكية من هواتف وغيرها لأبنائنا، ونستهتر في مراقبتهم، يصاب الأبناء بعدها بأمراض ذهنية والدخول إلى المواقع المحظورة، لن نتعلم من استهتارنا إلا بعد الوقوع في المشكلة، وقلنا: الندم لا ينفع بعد ذلك.
نستهتر في تعاملنا مع الأهل والأصدقاء، ولا نبالي ونقول: (الأمور طيبة)، وبعد فقدانهم نتحسر على ما فعلناه، فما فائدة الاستهتار؟
لن نستطيع أن نعيد ما فقدناه بسبب الاستهتار، وعلينا أن نتذكر أننا نحن من جلبناه لأنفسنا.
الحياة قصيرة، وأيامها تمر بسرعة، وما مضى لن يعود على حاله، فالعاقل هو من يدرك معنى الاستهتار ومعنى الخسارة والفقدان، وهو من يفكر قبل فعل كل شيء، ويتوقع العواقب، وعليه تجنب بعض الأفعال والتصرفات.
الاستماع للنصح والإرشاد والتحذير؛ لن يقلل من قيمتك ومكانتك إنما هي من أجلك، وتصب في مصلحتك، فأنت يا أيها المستهتر، من سيدفع الثمن في النهاية.
لماذا تحمّل نفسك ما لا طاقة لك به، وحينما يخطئ البلهاء؛ يتحمل خطيئتهم العقلاء، فما ذنب من تسببت في معاناته معك؟ فوالله، ستسأل عن كل تصرف تصرفت به باستهتار.