2014
Adsense
مقالات صحفية

ليس سهلًا…

بقلم: د. رضية بنت سليمان الحبسية

ليس سهلًا أن يُبدي الفرد ولاءً، ولا تمثّل قيمته كبُعد وجداني، وشعور عاطفي يربط الفرد بما ينتمي إليه، سواء أكانت الجهة الأخرى تتمثل في مجتمع، مؤسسة، عائلة، مهنة، أم في علاقة بشرية بين طرفين تربطهما مصالح مشتركة، إلا أنّ ما يعكر صفو تلك العلاقات النبيلة، قد يتلخص في الفجوة بين التأطير والتنفيذ، بما يحفظ مصالح الطرفين.

إنّ من الخصائص الإنسانية انتماء الفرد للجماعة، كحاجة طبيعية ينشدها الفرد في إطار المجتمع الذي نشأ فيه، أو اختاره ليكون عضوًا فيه، فبالقدر الذي يطالب المجتمع أبناءه بالامتثال لقوانينه، والالتزام بقيمه وأعرافه، فإنّ منسوبيه يتطلعون إلى تحقيق مصالحهم وغاياتهم وفق منظومة عادلة، ورؤية واضحة، وإجراءات عملية.

ولعلّ تجويد التعليم يتصدر أولويات مطالب أولياء الأمور، كما تُعدّ قضية وطنية تشغل بال المختصين على مستوى العالم أجمع، والمتابع لقضايا التعليم والتحديات التي تواجهه، يُدرك أنها قضايا شائكة، متداخلة مع عوامل وقوى، ومتغيرات على الصعيد الوطني والدولي، فلا يمكن لمنظومة التعليم أن تمضي في تحقيق أهدافها، بمعزل عن تأثير عوامل سياسية، اقتصادية، اجتماعية محطية بها.

لذا، وفي ظل تنامي أصوات مُنددة بإخفاق التعليم- لا على المستوى المحلي فحسب، بل على المستوى العالمي، برغم ما يقابلها من تصريحات بجهود تربوية حثيثة وفق خُطى ثابتة، وخطط مستنيرة، فإنّ الواقع يفرض ضرورة فتح قنوات أوسع للحوار المتبادل، ومشاركات مجتمعية متعددة التخصصات؛ لتقييم منظومة التعليم بكافة مدخلاتها، عملياتها، ومخرجاتها، في إطار معايير ومؤشرات جودة التعليم؛ لبناء مخرجات تعليمية ذات كفاءة عالية، قادرة على المنافسة العالمية في عصر قائم على اقتصاد المعرفة.

ومن المسّلم به أنّ أهم غاية لدى الأنظمة التربوية والتعليمية، تحقيق رضا المستفيد، ولضمان تحقيق تلك الغاية، لابد من مراجعات دورية لخططها، والتأكد من فاعلية إجراءاتها، سواء فيما يتعلق بالقوانيين والأنظمة، البيئة التنظيمية، توظيف الموارد المادية والبشرية، أو بآليات التقويم المعتمدة، جميعها بحاجة إلى رصد ومتابعة مستمرة في إطار المنظومة التربوية بأكملها.

وفي إطار المتابعة لجهود وزارة التربية والتعليم بسلطنة عُمان، فإنّ ما تم نشره في مواقع عدة حول إجراء دراسات تقويمية للنظام التعليمي، يُنبئ بطموحات مستقبلية لتجويد التعليم المدرسي وفق خارطة طريق قائمة على عدد من المرتكزات؛ لضمان التكامل بين أجزاء المنظومة التعليمية ككل، وقد جاء أيضًا أنه من المؤمل تنفيذ تلك الخارطة على مراحل بعضها طويلة المدى، وأخرى خلال فترة زمنية قصيرة المدى؛ لتحقيق تحول ونقلة نوعية للنظام التعليمي.

وككل القطاعات المجتمعية في بلادنا، يشهد قطاع التعليم تحولًا وتغييرًا في ظل رؤية عُمان 2040، بدءًا من رؤيته المستقبلية، ورشاقة الهيكل التنظيمي، وما تتضمنه خططه الإستراتيجية من برامج نوعية، تسعى لتحقيق جودة مخرجات التعليم المدرسي، وما ذلك التجديد والتغيير إلا في إطار تحقيق رؤية التعليم 2040، وبما يتماشى مع فلسفة التعليم في سلطنة عمان.

وبكل واقعية، علينا أن نعي أنّ التنفيذ لن يكون بين عشيّة وضحاها، ويتطلب تحقيق تلك الرؤى والطموحات مزيدًا من الثقة، والتأني في الحكم على نتائج العمل.

ختامًا: حتى يتحقق للمجتمع تطلعاته المستقبلية؛ ليكون في مصاف الدول المتقدمة، على الجميع استشعار تلك المسؤولية، ويمثل الإصغاء لمطالب أصحاب المصالح من أولياء أمور الطلبة، والأخذ بوجهات النظر لمنسوبي المؤسسة التربوية، ممن يعملون في الحقل التربوي خاصة، مقدمة صدق النوايا لخطط التطوير والإصلاح على مستوى العمليات الداخلية للمؤسسة، مع الأخذ بعين الاعتبار أنّ المؤسسة التعليمية جزءٌ من منظومة مجتمعية أكبر، تعمل في إطار خطط تنموية شاملة للبلاد، كما يفرض الأمر على المنتفعين أنفسهم انتهاج واقعية النقد، وشفافية التواصل مع ذوي الاختصاص للعمل البنّاء؛ نظرًا للمصالح المشتركة بين كل الأطراف.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights