نسور منح يعيد لقاء الجدات والأمهات وحكايا الماضي التليد
منح-ريهام الحضرمية
تحدث الجدات عن ماضيهن البهيج، فتمتزج الحكايا بشذا ماء الورد وعبق الزعفران وريح الصندل. وفي أزقّة الذكريات أرى جدتي بثوبها التقليدي المميز، وقد خضبت كفها “بالحناء العماني” ، وكقنديل متوهج يضيء جبينها باصفرار الزعفران، والنخل يرقص مع الإيقاعات المتسللة من ردهات الأطفال وساحات جمع الحطب.
لحكايا الجدات طعم يشبه “القشاط”، ونقاء كنقاء أرواحهن… فماذا لو كانت للحكايا إعادة؟!
رغم اختلاف الأزمنة، ومرور السنين، واشتعال الرؤوس بالشيب، وانبلاج خطوط تجاعيد الوجه؛ إلا أن الذاكرة قد تعود محملة ببساطة الماضي.
فقد قامت اللجنة النسائية التابعة لفريق النسور بولاية منح، وبدعم من جمعية المرأة العمانية بمنح، ومجموعة روح وريحان التطوعية، بمبادرة استطاعت من خلالها أن تعيد لأمهات قرية “معمد” ماضيهن الجميل، في تجمع مبارك لمن تعدين الخمسين من عمرهن.
وابتدأ اللقاء باستقبال الأمهات صباحًا بسعادة غامرة وشوق بهيج بعد انقطاع طويل. وتطيبت الأمهات بريح اللبان وماء الورد والزعفران والمحلب، وطيب أرواحهن فاق كل جميل، ثم تناولن وجبة الفطور والقهوة مستحضرات ماضيهن في تجمعات الحارة والهواء العليل، “فالقهوة” الصباحية كانت أحد طقوسهن الممجدة، التي يتعرفن فيها على أخبار بعضهن وأخبار البلاد، ويحظى المريض ومن لديه مناسبة بأولوية التجمع لديه. ثم ابتدأت فعاليات اللقاء بفقرات ومعرض للتراثيات ومسابقات منوعة أعادت لأمهاتنا روح الطفولة والشباب، و”التعويبات” تصدح في أرجاء المكان معيدة للحياة بهجتها.
انتهى اللقاء بوجبة الغداء، وهدايا قدمت من المبادرين كذكرى للأمهات، وليست هناك ذكرى أجمل من الأوقات الرائعة الجميلة التي نقضيها مع الأحبة والأصحاب؛ فقد أعاد اللقاء للأمهات روح الصبا والطفولة؛ ليؤكد بريق أعينهن شوقهن للماضى الذي يتناقلنه فيما بينهن، وتأرجح الذكريات، والضحكات البريئة النقية تمتزج مع الحكايات.
وبعد أن التمس المبادرون تحقق الهدف، وأثره الإيجابي على الأمهات؛ ارتأوا أن تستكمل المبادرة عطاءها، وتطبق في باقي قرى ولاية منح، بالتعاون مع الفرق الرياضية لكل قرية؛ بحيث تصبح قريتا الفيقين والبلاد الوجهتين التاليتين في تطبيق المبادرة. فالشكر لكل من وضع بصمته وساهم في ذلك.