الخميس: 31 أكتوبر 2024م - العدد رقم 2308
Adsense
مقالات صحفية

هل ستعود؟!

أحمد بن موسى البلوشي

يُعرف البعض العادات والتقاليد بأنّها: “مجموعة من الطقوس التي يتوارثها الأجيال عبر الزمان؛ لتكون جزءًا مهماً من عقيدتهم، أو مجموعة من قواعد السلوك التي تنتج عن اتّفاق مجموعة من الأشخاص، وتستمد قوتها من المجتمع، وتدلّ على الأفعال الماضية القديمة، والحِكّم المتراكمة التي مرّ بها المجتمع، ويتناقلها الخلف عن السلف جيلاً بعد جيل. وهي عادات اجتماعية استمرت فترات طويلة حتى أصبحت تقليداً، ويتم اقتباسها من الماضي إلى الحاضر ثمّ إلى المستقبل. فهي بمثابة نظام داخلي لمجتمع معين”، لذلك أصبحت العادات، والتقاليد جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، ومكوناً من مكونات المجتمع الذي تميزه عن غيره من المجتمعات؛ فهي تمثل عمق تاريخ الوطن، ومقياسا لحضارته؛ فالمجتمع الذي لا يمتلك العادات، والتقاليد؛ لا يمتلك الهوية الثقافية والحضارية، لذا تجد الكثير من الدول، والمجتمعات تحاول الحفاظ على هذا الإرث؛ لما له من فوائد متنوعة للمجتمع.

ففي كل منطقة من مناطق العالم المختلفة عادات، وتقاليد متنوعة، قد تتشابه مع بعضها أحيانا، وتختلف كل الاختلاف في بعض الجوانب. ومن المنطقي أنّ بعض العادات والتقاليد التي تصلح في مجتمع معين، قد لا تتناسب أبدا مع مجتمع آخر، لتعارضها مع منظومة القيم والأخلاق في ذلك المجتمع. وهذا لا يعني مُطلقا أنّ جميع العادات، والتقاليد المتوارثة في مجتمعنا غير قابلة للنقد، والتمحيص، بل على العكس تماما؛ يجب علينا التخلص منها؛ لعدم مناسبتها مع ثقافة الجيل المعاصر. فثقافة المجتمع تتطور وتتغير مع التطور الحضاري، والفكري، والثقافي له، ومن الطبيعي أن تختفي بعض العادات والتقاليد، وتحلّ مكانها عادات أخرى أكثر انفتاحا، وتطورا. فبعض العادات والتقاليد – بدون ذكر أمثلة عليها- تعدّ سبب من أسباب الفرقة، والانشقاق؛ وذلك لعدم مناسبتها للتطور الحاصل في شتّى مجالات الحياة.

ولكن هناك بعض العادات، والتقاليد الحسنة التي فقدناها بدون سبب منطقي، وعلى سبيل المثال، لا الحصر، أصبحت مشاركة الأولاد مجالس الرجال سواء في الأفراح، أو العزاء، قليلة جدّاً، ونرى أغلب الحضور من كبار السنّ، والشباب، وعندما تسأل عن السبب لا تجد الإجابة الشافية لسؤالك، أهي المدنية والتطور؟ أم أسلوب التربية الحديث؟، أم أنّ البعض يعتبرها مضيعة للوقت؟ أم أنّ هذا الجيل أصبح مشغولا بدرجة لا تمكنه من حضور هذه المناسبات؟ وذكرت هذه العادة على سبيل المثال فقط، فهناك عادات، وتقاليد لم تعد موجودة في مجتمعنا، وهي تمثل أحد الطرق التي تساعد على تربية النشء، وصقل شخصيتهم، فهل ستعود يوما ما؟ أم أنّها أصبحت في ذاكرة النسيان؟

فهنيئا للأسر التي تولي اهتماما كبيرا بالمحافظة على عاداتها، وتقاليدها المجتمعية، وتدريسها وتطبيقها على مستوى البيت، وتحاول أن تكسبها لأبنائها لما لها من مردود إيجابيّ عليهم. فيجب علينا جميعا أن ننتبه لهذا الموضوع المهم، وأنْ نعيره الاهتمام الكبير، وأنْ نحافظ على الكثير من العادات، والتقاليد التي تربّينا عليها. فالكثير من قيم هذه العادات، والتقاليد تنّمي شخصية الابن اجتماعيا وأسريا، وليس من العيب أن نجلس مع أبنائنا، ونوضح لهم هذه العادات، والتقاليد وما هي إيجابياتها وسلبياتها، وكيف يمكن لعادة أن تطغى على عادة أخرى، فليس كل العادات يجب الحفاظ عليها، ولكن هناك عادات يجب أن نتمسك بها.

لغات أخرى – Translate

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
Verified by MonsterInsights